للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِهَذَا كَانُوا أَكْذَبَ فِرَقِ الْأُمَّةِ، فَلَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى الْقِبْلَةِ أَكْثَرُ كَذِبًا وَلَا أَكْثَرُ تَصْدِيقًا لِلْكَذِبِ وَتَكْذِيبًا لِلصِّدْقِ مِنْهُمْ، وَسِيْمَا (١) النِّفَاقِ فِيهِمْ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي سَائِرِ النَّاسِ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَن كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خَصْلَةٌ مِن النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ".

وَكُلُّ مَن جَرَّبَهُم يَعْرِفُ اشْتِمَالَهُم عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ؛ وَلِهَذَا يَسْتَعْمِلُونَ التَّقِيَّةَ الَّتِي هِيَ سِيمَا الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ ويَسْتَعْمِلونها مَعَ الْمُسْلِمِينَ، {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: ١١]، وَيَحْلِفُونَ مَا قَالُوا وَقَد قَالُوا، وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لِيُرْضوْا الْمُومِنِينَ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوْهُ.

وَقَد أَشْبَهُوا الْيَهُودَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ … وَيُشْبِهُونَ النَّصَارَى فِي الْغُلُوِّ فِي الْبَشَرِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُبْتَدَعَةِ وَفِي الشِّرْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَهُم يُوَالُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ شِيَمُ الْمُنَافِقِينَ.

وَلَيْسَ لَهُم عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، وَلَا دِينٌ صَحِيحٌ، وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ، وَهُم لَا يُصَلُّونَ جُمُعَةً وَلَا جَمَاعَةً -وَالْخَوَارِجُ كَانُوا يُصَلُّونَ جُمُعَةً وَجَمَاعَةً- وَهُم لَا يَرَوْنَ جِهَادَ الْكُفَّارِ مَعِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، وَلَا طَاعَتَهُم فِي طَاعَةِ اللهِ، وَلَا تَنْفِيذ شَيْءٍ مِن أَحْكَامِهِمْ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسُوغُ إلَّا خَلَفَ إمَامٍ مَعْصُومٍ، وَيرَوْنَ أَنَّ الْمَعْصُومَ قَد دَخَلَ فِي السِّرْدَابِ مِن أَكْثَرَ مِن أَرْبَعِمِائَةٍ وَأرْبَعِينَ سَنَةً.

وَقَد رَأَيْنَا فِي كُتبِهِم مِن الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَحَابَتِهِ وَقَرَابَتِهِ


(١) أي: علامات.

<<  <  ج: ص:  >  >>