للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب - رضي الله عنه - قَد قَتَلَهُم وَنَهَبَ عَسْكَرُهُ مَا فِي عَسْكَرِهِمْ مِن الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَالْأَمْوَالِ: فَهَؤُلَاءِ أَوْلَى أَنْ يُقَاتَلُوا وَتُؤْخَذَ أَمْوَالُهُمْ، كَمَا أَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمْوَالَ الْخَوَارِجِ.

وَمَن اعْتَقَدَ مِن الْمُنْتَسِبِين إلَى الْعِلْمِ أَو غَيْرِهِ أَن قِتَالَ هَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ قِتَالِ الْبُغَاةِ الْخَارِجِينَ عَلَى الْإِمَامِ بِتَأوِيلٍ سَائِغٍ؛ كَقِتَالِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِأَهْلِ الْجَمَلِ وصفين: فَهُوَ غالط جَاهِلٌ بِحَقِيقَةِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَتَخْصِيصِهِ هَؤُلَاءِ الْخَارِجِينَ عَنْهَا (١).

فَإِنَّ فِي قُلُوبِهِم مِن الْغِلِّ وَالْغَيْظِ عَلَى كِبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَصِغَارِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ وَغَيْرِ صَالِحِيهِمْ: مَا لَيْسَ فِي قَلْبِ أحَدٍ.

وَأَعْظَمُ عِبَادَتِهِمْ عِنْدَهُمْ: لَعْنُ الْمُسْلِمِينَ مِن أَوْليَاءِ اللهِ: مُسْتَقْدِمُهُم وَمُسْتَأخِرُهُم، وَأَمْثَلُهُم عِنْدَهُم الَّذِي لَا يَلْعَنُ وَلَا يَسْتَغْفِرُ.

وَالْمَقْصُود هُنَا: أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفَ الْمُحَارِبِينَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِن الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ هُم شَرٌّ مِن الْخَوَارِج الَّذِينَ نَصَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قِتَالِهِمْ وَرَغَّبَ فِيهِ، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْعَارِفِينَ بِحَقِيقَتِهِ. [٢٨/ ٤٧٦ - ٤٩٤]

٧٦١ - ومَذْهَبُ الرَّافِضَةِ شَرٌّ مِن مَذْهَبِ الْخَوَارجِ الْمَارِقِينَ؛ فَإِنَّ الْخَوَارِجَ غَايَتُهُم تَكْفِيرُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَشِيعَتِهِمَا، وَالرَّافِضَةُ تَكْفِيرُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَخمْهُورِ السَّابِقِينَ الْأوَّلِينَ، وَتَجْحَدُ مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْظَمَ مِمَّا جَحَدَ بِهِ الْخَوَارِج، وَفِيهِمْ مِن الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ وَالْغُلُوِّ وَالْإِلْحَادِ مَا لَيْسَ فِي الْخَوَارِجِ، وَفِيهِمْ مِن مُعَاوَنَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا لَيْسَ فِي الْخَوَارِجِ.


(١) قال الشيخ في موضع آخر: هَذَا مَوْضِعٌ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ مِن النَّاسِ مِن الْفُقَهَاءِ؛ فَإِنَّ الْمُصَنَّفِينَ فِي "قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ" جَعَلُوا قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَقِتَالَ الْخَوَارِجِ، وَقِتَالَ عَلِيٍّ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقِتَالَهُ لمعاوية وَأتْبَاعِهِ: مِن قِتَالِ أهْلِ الْبَغْي، وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأمُورٌ بِهِ .. وَقَد غَلِطُوا، بَل الصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ أئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَأَهْلِ الْمَدِيَنَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ كالأوزاعي وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد بْنِ حَنبلٍ وَغَيْرِهِمْ: أَنهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. (٢٨/ ٥٤٨ - ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>