للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذِهِ الْمَشَاهِدِ وَالْحَجِّ إلَيْهَا مَا لَمْ يَذْكُرْ مِثْلهُ فِي الْحَجِّ إلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ.

وَعَامَّةُ مَا ذَكَرَهُ مِن أَوْضَحِ الْكَذِبِ وَأَبْيَنِ الْبُهْتَانِ، حَتَّى أَنِّي رَأَيْت فِي ذَلِكَ مِن الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ أَكْثَرَ مِمَّا رَأَيْته مِن الْكَذِبِ فِي كَثِيرٍ مِن كُتبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

وَهَذَا إنَّمَا ابْتَدَعَهُ وَافْتَرَاهُ فِي الْأَصْلِ قَوْمٌ مِن الْمُنَافِقِينَ وَالزَّنَادِقَةِ؛ لِيَصُدُّوا بِهِ النَّاسَ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَيُفْسِدُوا عَلَيْهِم دِينَ الْإِسْلَامِ، وَابْتَدَعُوا لَهُم أَصْلَ الشِّرْكِ الْمُضَادَّ لِإِخْلَاصِ الدِّينِ للهِ.

وَلِهَذَا صَنَّفَ طَائِفَةٌ مِن الْفَلَاسِفَةِ الصَّابِئِينَ الْمُشْرِكِينَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الشِّرْكِ مَا صَنَّفُوهُ، وَاتَّفَقُوا هُم وَالْقَرَامِطَةُ الْبَاطِنِيَّةُ عَلَى الْمُحَادَّةِ للهِ وَلرَسُولِهِ، حَتَّى فَتَنُوا أُمَمًا كَثِيرَةً، وَصَدُّوهُم عَن دِينِ اللهِ.

وَأَقَلُّ مَا صَارَ شِعَارًا لَهُمْ: تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ، وَتَعْظِيمُ الْمَشَاهِدِ، فَإِنَّهُم يَأْتُونَ مِن تَعْظِيمِ الْمَشَاهِدِ وَحَجِّهَا وَالْإِشْرَاكِ بِهَا مَا لَمْ يَأْمُر اللهُ بِهِ وَلَا رَسُولُة وَلَا أَحَدٌ مِن أَئِمَّةِ الدِّينِ؛ بَل نَهَى اللهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ.

وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ: فَيُخَرِّبُونَهَا؛ فَتَارَةً لَا يُصَلُّونَ جُمْعَةً وَلَا جَمَاعَةً؛ بِنَاءً عَلَى مَا أصَّلُوهُ مِن شُعَبِ النِّفَاقِ، وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا خَلْفَ مَعْصُومٍ، وَنَحْو ذَلِكَ مِن ضَلَالَتِهِمْ.

فَهَؤُلَاءِ الضَّالُّونَ الْمُفْتَرُونَ، أَتْبَاعُ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقُونَ: يُعَطِّلُونَ شِعَارَ الْإِسْلَامِ، وَقِيَامَ عَمُودِهِ، وَأَعْظَمهُ سُنَنُ الْهُدَى الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْل هَذَا الْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ، فَلَا يُصَلُّونَ جُمْعَةً وَلَا جَمَاعَةً.

وَمَن يَعْتَقِدُ هَذَا: فَقَدْ يُسَوِّي بَيْنَ الْمَشَاهِدِ وَالْمَسَاجِدِ (١)، حَتَّى يَجْعَلَ


(١) بل هذا هو حالهم كلُّهم أو جلُّهم، فهم يُعظمون المشاهد أكثر من تعظيم المساجد، وخير شاهد على ذلك الواقع، فقد نقلت لنا الصور وشاشات التلفاز ما لا يدع مجالًا للشك في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>