للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الكاملة من ذلك الوجه حتى جميع مفعولاته؛ إذ كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل؛ ولهذا استحق أن يكون محمودًا على كل حال، ويستحق أن يحمد على السراء، والضراء، وهذا أعلى وأكمل، وهذا حب الخاصة.

وهؤلاء هم الذين يطلبون لذة النظر إلى وجهه الكريم، ويتلذذون بذكره ومناجاته، ويكون ذلك لهم أعظم من الماء للسمك، حتى لو انقطعوا عن ذلك لوجدوا من الألم ما لا يطيقون. [١٠/ ٨٤ - ٨٥]

٨٤٥ - من المعلوم أن من أحب الله المحبة الواجبة فلا بد أن يبغض أعداءه، ولا بد أن يحب ما يحبه من جهادهم كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)} [الصف: ٤].

والمحبُّ التامُّ لا يُؤَثِّر فيه لومُ اللائم وعذل العاذل؛ بل ذلك يغريه بملازمة المحبة. [١٠/ ٦٠ - ٦١]

٨٤٦ - الْجُمْهُورُ لَا يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ (الْعِشْق) فِي حَقِّ اللهِ؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ هُوَ الْمَحَبَّةُ الْمُفْرِطَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي يَنْبَغِي، وَاللهُ تَعَالَى مَحَبَّتهُ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَيْسَتْ تَنْتَهِي إلَى حَدٍّ لَا تَنْبَغِي مُجَاوَزَتهُ.

قَالَ هَؤُلَاء: وَالْعِشْقُ مَذْمُومٌ مُطْلَقًا لَا يُمْدَحُ لَا فِي مَحَبَّةِ الْخَالِقِ وَلَا الْمَخْلُوقِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحَبَّةُ الْمُفْرِطَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْحَدِّ الْمَحْمُودِ، وَأيْضًا فَإِنَّ لَفْظَ "الْعِشْقِ" إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُوْفِ فِي مَحَبَّةِ الْإِنْسَانِ لِامْرَأَةٍ أَو صَبِيٍّ، لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَحَبَّةٍ كَمَحَبَّةِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَطَنِ وَالْجَاهِ، وَمَحَبَّةِ الأنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَهُوَ مَقْرُون كَثِيرًا بِالْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ: إمَّا بِمَحَبَّةِ امْرَأَةٍ أجْنَبِيَّةٍ أَو صَبِيٍّ يَقْتَرِنُ بِهِ النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَاللَّمْسُ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِن الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ. [١٠/ ١٣١]

٨٤٧ - إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مُحِبًّا للهِ وَحْدَهُ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ لَمْ يُبْتَلَ بِحُبِّ غَيْرِهِ أَصْلًا، فَضْلًا أَنْ يُبْتَلَى بِالْعِشْقِ، وَحَيْثُ اُبْتُلِيَ بِالْعِشْقِ فَلِنَقْصِ مَحَبَّتِهِ للهِ وَحْدَهُ. [١٠/ ١٣٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>