للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٦١ - لَيْسَ جَعْلُ الْإِنْسَانِ نَبِيًّا بِأَعْظَمَ مِن جَعْلِهِ الْعَلَقَةَ إنْسَانًا حَيًّا عَالِمًا نَاطِقًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكلِّمًا، قَد عَلِمَ أَنْوَاعَ الْمَعَارِفِ (١). [١٦/ ٢٦٤]

٨٦٢ - قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "لَنْ يَدْخُلَ أحَدٌ مِنْكُم الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ" (٢) لَا يُنَاقِضُ قَوْله تَعَالَى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)} [الواقعة: ٢٤] فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ نُفِيَ بِبَاءِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ، كَمَا يُقَالُ: بِعْت هَذَا بِهَذَا، وَمَا أُثْبِتَ أُثْبِتَ بِبَاءِ السَّبَبِ؛ فَالْعَمَلُ لَا يُقَابِلُ الْجَزَاءَ، وَإِن كَانَ سَبَبًا لِلْجَزَاءِ، وَلهَذَا مَن ظَنَّ أَنَّهُ قَامَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَغْفِرَةِ الرَّبِّ تَعَالَى وَعَفْوِهِ فَهُوَ ضَالٌّ. [١/ ٢٠٧]

٨٦٣ - ذَكَرَ أبُو طَالِب الْمَكِّيُّ عَن سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ التستري أنَّهُ قَالَ: إذَا عَمِلَ الْعَبْدُ حَسَنَة فَقَالَ: أَيْ رَبِّي، أَنَا فَعَلْت هَذِهِ الْحَسَنَةَ.

قَالَ لَهُ رَبُّهُ: أَنَا يسرتك لَهَا وَأَنَا أَعَنْتُك عَلَيْهَا.

فَاِنْ قَالَ: أيْ رَبِّي، أنْتَ أعَنْتَنِي عَلَيْهَا ويسَّرتني لَهَا.

قَالَ لَهُ رَبُّهُ: أَنْتَ عَمِلْتهَا وَأَجْرُهَا لَك.


(١) ومن أعظم الأعمال: التفكر في آيات الله الكونية، قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)}، فالله تعالى يحب منا أن ننظر إلى بديع صنعه، ولو صنع أحدنا شيئًا فإنه يُحب من الناس أن يروه.
واعلم أنّ القلبَ يضخ الدمَ إلى جميع أجهزة الجسد بلا توقف، حيث يربط بين أكثر من مائة ترليون خلية في جسم الإنسان، ويقوم بضخ أكثر من سبعة آلاف لتر من الدم خلال اليوم، ويصل عدد دقات القلب إلى مائة ألف نبضة يوميًّا.
فهل يليق بمن ضخ هذا الدم في قلبك وحركه بانتظام داتقان: أن تملأه بالحب لغيره، والخوف والخشية من غيره؟
ويحتوي رأسك على ما يقارِب (٣٠٠) ألف شعرةٍ، وكل شعرةٍ تحتوي على شريانٍ لتوصيل الدم المحمّل بالغذاء والأكسجين لهذه الشعرة، كما يحتوي على وريدِ لينقل الفضلات وثاني أكسيد الكربون، وتحتوي على عصبٍ، وعضلةٍ، وغدةٍ دهنيةٍ، وغدةٍ صبغيةٍ لإنتاج المادة المسؤولة عن إعطاء الألوان المختلفة لَلشعرة.
فهل يليق بِمَن مَن عليك بهذه النعم التي لا تشعر بها أنْ تتصرف فيها على غير مراد خالقِها ومُبْدِعِها؟ وهل يليق بك أن تحلق لحيتك وقد أمرك ربك على لسان نبيِّك أن تتركها ولا تحلقها؟
(٢) رواه البخاري (٦٤٦٣)، ومسلم (٢٨١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>