للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٨٨]، وَلَو كَانَ فَاسِدًا فِي نَفْسِهِ لَوَجَبَ الْحُكْمُ بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَحْرِيمِ ذَبَائِحِهِ وَبُطْلَانِ إرْثهِ الْمُتَقَدِّمِ وَبُطْلَانِ عِبَادَاتِهِ جَمِيعِهَا حَتَّى لَو كَانَ قَد حَجَّ عَن غَيْرِهِ كَانَ حَجُّهُ بَاطِلًا. [١١/ ٦٢ - ٦٤]

٨٩٣ - مَن شَاعَ لَهُ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْأُمَّةِ بِحَيْثُ اتَّفَقَتْ الْأُمَّة عَلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَهَل يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ؟ [أي: أنه مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ]: هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ، هَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ.

وَأَمَّا خَوَاصُّ النَّاسِ: فَقَد يَعْلَمُونَ عَوَاقِبَ أَقْوَامٍ بِمَا كَشَفَ اللهُ لَهُم، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَن يَجِبُ التَّصْدِيقُ الْعَامُّ بِهِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِمَن يُظنُّ بِهِ أنَّه حَصَلَ لَهُ هَذَا الْكَشْفُ يَكُونُ ظَانًّا فِي ذَلِكَ ظَنًّا لَا يُغْنِي مِن الْحَقِّ شَيْئًا، وَأَهْلُ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُخَاطَبَاتِ يُصِيبُونَ تَارَةً، وَيُخْطِئُونَ أخْرَى؛ كَأَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ؛ وَلهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِم جَمِيعُهُم أَنْ يَعْتَصِمُوا بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنْ يَزِنُوا مَوَاجِيدَهُم وَمُشَاهَدَتَهُم وَآرَاءَهُم وَمَعْقُولَاتِهِمْ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَا يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. [١١/ ٦٥]

٨٩٤ - ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أَوْليَاءَهُ الْمُقْتَصِدِينَ وَالسَّابِقِينَ فِي سُورَةِ فَاطِرٍ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)} [فاطر: ٣٢].

لَكِنَّ هَذِهِ الْأَصْنَافَ الثَّلَاثَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُم أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً.

وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- هُم الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ بَعْدَ الْأُمَم مَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِحُفَّاظِ الْقُرْآنِ، بَل كُلُّ مَن آمَنَ بِالْقُرْآنِ فَهُوَ مِن هَؤُلَاءِ، وَقَسَّمَهُم إلّى ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمُقْتَصِدٍ وَسَابِقٍ؛ بِخِلَافِ الْآيَاتِ الَّتِي فِي الْوَاقِعَةِ وَالْمُطَفِّفِينَ وَالِانْفِطَارِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ فِيهَا جَمِيعُ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَافِرُهُم وَمُؤْمِنُهُمْ. [١١/ ١٨٢ - ١٨٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>