للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَد قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد -رضي الله عنه- لِرَجُل وَدَّعَهُ قُلْ: يَا دَلِيلَ الْحَائِرِينَ دُلَّنِي عَلَى طَرِيقِ الصَّادِقِينَ وَاجْعَلْنِي مِن عِبَادِك الصَّالِحِينَ.

وَقَد أَنْكَرَ طَائِفَة مِن أَهْلِ الْكَلَامِ؛ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْوَفَاءِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنْ يَكُونَ مِن أَسْمَائِهِ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّهُم ظَنُّوا أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الدَّلَالَةُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا، وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُعَرِّفُ لِلْمَدْلُولِ، وَلَو كَانَ الدَّلِيلُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ؛ فَالْعَبْدُ يَسْتَدل بِهِ أَيْضًا، فَهُوَ دَلِيل مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. [٢٢/ ٤٨١ - ٤٨٤]

٩٣٩ - مَن دَعَا اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ بِدُعَاء جَائِزٍ سَمِعَهُ اللهُ وَأَجَابَ دُعَاءَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُعْرَبًا أَو مَلْحُونًا (١).

بَل يَنْبَغِي لِلدَّاعِي إذَا لَمْ يَكُن عَادَتُهُ الْإِعْرَابَ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ الْإِعْرَابَ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إذَا جَاءَ الْإِعْرَابُ ذَهَبَ الْخُشُوعُ.

وَهَذَا كَمَا يُكْرَهُ تَكَلُّفُ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ فَإِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ تَكَلُّيفٍ فَلَا بَأْسَ به.

فَإِنَّ أَصْلَ الدُّعَاءِ مِنَ الْقَلْبِ، وَاللِّسَان تَابعٌ لِلْقَلْبِ.

وَمَن جَعَلَ هِمَّتَهُ فِي الدُّعَاءِ تَقْوِيمَ لِسَانِهِ أَضْعَفَ تَوَجُّهَ قَلْبِهِ، وَلهَذَا يَدْعُو الْمُضْطَرُّ بِقَلْبِهِ دُعَاءً يُفْتَحُ عَلَيْهِ لَا يَحْضُرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ فِي قَلْبِهِ.

وَالدُّعَاءُ يَجُوزُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَبِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ قَصْدَ الدَّاعِي وَمُرَادَهُ وَإِن لَمْ يُقَوّمْ لِسَانَهُ، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ضَجِيجَ الْأَصْوَاتِ، بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ، عَلَى تَنَوُّعِ الْحَاجَاتِ. [٢٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩]

٩٤٠ - رَفْعُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ: جَاءَ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ.


(١) أي: أخْطأ الإعْراب وخَالف وَجْه الصَّواب في النَّحْو.

<<  <  ج: ص:  >  >>