للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (١) أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ أُويسًا القرني وَقَالَ لِعُمَر -رضي الله عنه-: "إن اسْتَطَعْت أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَك فَافْعَلْ" (٢). [٢٧/ ٦٧ - ٧٠]

٩٤٣ - مِمَّا يُبَيِّنُ فَضْلَ الثَّنَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ: أَنَّ الثَّنَاءَ الْمَشْرُوعَ يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ بِاللهِ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَقَد لَا يَسْتَلْزِمُهُ، إذ الْكُفَّارُ يَسْألُونَ اللهَ فَيُعْطِيهِمْ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَإِنَّ سُؤَالَ الرِّزْقِ وَالْعَافِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الْأَدْعِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ: هُوَ مِمَّا يَدْعُو بِهِ الْمُؤمِنُ وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ الثَّنَاءِ.

وَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى فَضْلِ جِنْسِ الثَّنَاءِ عَلَى جِنْسِ الدُّعَاءِ كَثِيرَةٌ، مِثْل أَمْرِهِ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ مِثْل مَا يَقُولُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ يَسْأَلُ لَهُ الْوَسِيلَةَ، ثُمَّ يَسْأَلُ الْعَبْدُ بَعْدَ. ذَلِكَ، فَقَدَّمَ الثَّنَاءَ عَلَى الدُّعَاءِ.

وَهَكَذَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ فِيهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللهِ، ثمَّ الدُّعَاءَ لِرَسُولِهِ، ثُمَّ لِلْإِنْسَانِ. [٢٢/ ٣٨٢ - ٣٨٤]

٩٤٤ - إِذَا دَعَا اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَد يَحْصُلُ لَهُ بِالدُّعَاءِ مِن مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ مَا هُوَ أَفْضَلُ وَأَنْفَعُ مِن مَطْلُوبِهِ ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إنَّهُ لَيَكُونُ لِي إلَى اللهِ حَاجَةٌ فَأَدْعُوهُ فَيَفْتَحُ لِي مِن بَابِ


(١) رواه مسلم (٢٥٤٢).
(٢) قال شيخ الإسلام رحمه الله موضع آخر: وَإِن كَانَ الطَّالِبُ أَفْضَلَ مِن أوَيْسٍ بكَثير. (١/ ٣٢٧). وقال: طَلَبُ الدُّعَاءِ مَشْرُوعٌ مِن كل مُؤمِنِ لِكُلِّ مُومِنٍ. (١/ ٣٢٦).
تنبيه؛ كلامه هنا ظاهرٌ في أنه يرى جواز طلب الدعاء من كل مؤمن، ولا يدخل في المسألة المذمومة، لكنه خالف في ذلك في (١/ ١٩٣) حيث قال: ومن قال لغيره من الناس: ادع لي -أو لنا- وقصده أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضًا بأمره وبفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مؤتم به، ليس هذا من السؤال المرجوح.
وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تَرْكه إلى الرغبة إلى الله وسؤاله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله. اهـ.
ويُنظر كذلك: مجموع الفتاوى (١/ ١٩٠).
ولعل له في المسألة قولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>