للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٨٧ - قَصَّ اللهُ عَلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ أَخْبَارَ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا أَصَابَهُم وَمَا أَصَابَ أَتْبَاعَهُم الْمُومِنِينَ مِن الْأَذَى فِي اللهِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى نَصَرَهُم وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ، وَقَصَّ عَلَيْنَا ذَلِكَ لِنَعْتَبِرَ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)} [يوسف: ١١١]. [٣٥/ ٣٧٦]

٩٨٨ - إنَّهُ سُبْحَانَهُ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّعْوَةِ إلَى اللهِ تَارَةً (١)، وَتَارَةً بِالدَّعْوَةِ إلَى سَبِيلِهِ (٢)؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] وَذَلِكَ أَنَّهُ قَد عُلِمَ أَنَّ الدَّاعِيَ الَّذِي يَدْعُو غَيْرَهُ إلَى أَمْرٍ لَا بُدَّ فِيمَا يَدْعُو إلَيْهِ مِن أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْمَقْصُودُ الْمُرَادُ.

والثَّاني: الْوَسِيلَةُ وَالطَّرِيقُ الْمُوَصّلُ إلَى الْمَقْصُودِ.

فَلِهَذَا يَذْكُرُ الدَّعْوَةَ تَارَةً إلَى اللهِ وَتَارَةً إلَى سَبِيلِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمَعْبُودُ الْمُرَادُ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَةِ.

قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ٧١]، وَهَذَا الْوَاجِبُ وَاجِبٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، إذَا قَامَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْهُم سَقَطَ عَن الْبَاقِينَ؛ فَالْأُمَّةُ كُلُّهَا مُخَاطَبَة بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إذَا قَامَتْ بِهِ طَائِفَةٌ سَقَطَ عَن الْبَاقِينَ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِن الْأُمَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ مِن الدَّعْوَةِ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ، فَمَا قَامَ بِهِ غَيْرُهُ سَقَطَ عَنْهُ، وَمَا عَجَزَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ.


(١) وذلك بدعوتهم إلى توحيده وإخلاص العبادة له، وبيان ما يستحقه، وتذكيرهم بأسمائه وصفاته وعظمته.
(٢) وذلك بتعليم الناس كيفية عبادته، وبيان شرائعه وأحكامه.
وعلى هذا؛ فالذي يتصدر لتعليم الناس دينهم وعبادتهم، هو من الدعاة إلى سبيل الله، ويشمل معلمي الناس الفقه والحديث والتفسير ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>