للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٣ - الْقَائِمُونَ بِحِفْظِ الْعِلْم الْمَوْرُوثِ عَن رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، الرُّبَّانُ الْحَافِظُونَ لَهُ مِن الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ: هُم مِن أَعْظَمِ أَوْليَاءِ اللهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ؛ بَل لَهُم مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِن أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] (١). [١/ ٨ - ٩]

١٤٤ - قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: ٢٢].

وَأَهْلُ الْعِلْمِ الْمَأثُورِ عَن الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْظَمُ النَّاسِ قِيَامًا بِهَذ الْأُصُولِ، لَا تَأْخُذُ أَحَدَهُم فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا يَصُدُّهُم عَن سَبِيلِ اللهِ الْعَظَائِمُ؛ بَل يَتَكلَّمُ أَحَدُهُم بِالْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيَتَكَلَّمُ فِي أَحَبّ النَّاسِ إلَيْهِ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥]. [١/ ١٠]

١٤٥ - نَجِدُ كَثِيرًا مِن الْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُتَعَبِّدَةِ إنَّمَا هِمَّتُهُ طَهَارَة الْبَدَنِ فَقَطْ، ويزِيدُ فِيهَا عَلَى الْمَشْرُوعِ اهْتِمَامًا وَعَمَلًا، ويتْرُكُ مِن طَهَارَةِ الْقَلْبِ مَا أُمِرَ بِهِ إيجَابًا أَو اسْتِحْبَابًا، وَلَا يَفْهَمُ مِن الطَّهَارَةِ إلَّا ذَلِكَ، وَنَجِدُ كَثِيرًا مِن الْمُتَصَوِّفَةِ وَالْمُتَفَقِّرَةِ إنَّمَا هِمَّتْهُ طِهَارَةُ الْقَلْبِ فَقَطْ، حَتَّى يَزِيدَ فِيهَا عَلَى الْمَشْرُوعِ اهْتِمَامًا وَعَمَلًا، وَيتْرُكُ مِن طَهَارَةِ الْبَدَنِ مَا أُمِرَ بِهِ إيجَابًا أَو اسْتِحْبَابًا.

فَالْأوَّلُونَ: يَخْرُجُونَ إلَى الْوَسْوَسَةِ الْمَذْمُومَةِ فِي كَثْرَةِ صَبِّ الْمَاءِ، وَتَنْجِيسِ مَا لَيْسَ بِنَجِس، وَاجْتِنَابِ مَا لَا يُشْرَعُ اجْتِنَابُهُ، مَعَ اشْتِمَالِ قُلُوبِهِم عَلَى أَنْوَاعٍ مِن الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَالْغِلِّ لِإِخْوَانِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ مُشَابَهَةٌ بَيِّنَةٌ لِلْيَهُودِ.

وَالْآحرُونَ: يَخْرُجُونَ إلَى الْغَفْلَةِ الْمَذْمُومَةِ، فَيُبَالِغُونَ فِي سَلَامَةِ الْبَاطِنِ،


(١) فهنيئًا لطلاب العلم المنشغلين بفهم الكتاب والسُّنَّة، والسالكين مسلك أهل العلم في البحث والقراءة والكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>