للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٤٨ - التَّوْبَة النَّصُوحُ الَّتِي يَقْبَلُهَا اللهُ يَرْفَعُ بِهَا صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانَ دَاوُد - عَلِيْهِ السَّلَام - بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ، وَقَالَ آخَرُ: لَو لَمْ تَكُن التَّوْبَةُ أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ.

وَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ": "حَدِيثُ الَّذِي يَعْرِضُ اللهُ صِغَارَ ذُنُوبِهِ ويُخَبِّئُ عَنْهُ كِبَارَهَا وَهُوَ مُشْفِقٌ مِن كِبَارِهَا أنْ تَظْهَرَ، فَيَقُولُ اللّهُ لَهُ: إنِّي قَد غَفَرْتُهَا لَكَ وَأَبْدَلْتُكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَفولُ: أَيْ رَبِّ، إنَّ لِي سَيِّئَاتٍ لَمْ أَرَهَا" (١)، إذَا رَأَى تَبْدِيلَ السَّيِّئَاتِ بالْحَسَنَاتِ طَلَبَ رُؤْيَةَ الذُّنُوب الْكِبَارِ الَّتِي كَانَ مُشْفِقًا مِنْهَا أَنْ تَظْهَرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَالَهُ هَذِهِ مَعَ هَذَا التَّبْدِيلِ أَعْظَمُ مِن حَالِهِ لَو لَمْ تَقَعْ السَّيِّئَاتُ وَلَا التَّبْدِيلُ. [١٠/ ٢٩٣ - ٢٩٤]

١٠٤٩ - الْأنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم مَعْصُومُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَن اللهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ.

وَالْقُرْآن يَدُلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)} [الحج: ٥٢، ٥٣] فَقَالُوا: الْآثَارُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَعْرُوفَةٌ ثَابِتَةٌ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ، وَالْقُرْآنُ يُوَافِقُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ نَسْخَ اللهِ لِمَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَإِحْكَامَهُ آيَاتِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِرَفْعِ مَا وَقَعَ فِي آيَاتِهِ، وَتَمْيِيزِ الْحَق مِن الْبَاطِلِ حَتَّى لَا تَخْتَلِطَ آيَاتُهُ بِغَيْرِهَا.

وَهَذِهِ الْعِصْمَةُ الثَّابِتَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ هِيَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ.

وَأَمَّا الْعِصْمَةُ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّق بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَلِلنَّاسِ فِيهِ نِزَاعٌ.


(١) رواه مسلم (١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>