التَّابِعِينَ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي الصَّحَابَةِ، بِخِلَافِ مَن يَجْرِي عَلَى يَدَيْهِ الْخَوَارِقُ لِهَدْيِ الْخَلْقِ وَلحَاجَتِهِمْ فَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ دَرَجَةً.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ مِثْلُ حَالِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ صَيَّادٍ الَّذِي ظَهَرَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قَد ظَنَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ الدَّجَّالُ وَتَوَقَّفَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَمْرِهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الدَّجَّالُ؛ لَكِنَّهُ كَانَ مِن جِنْسِ الْكُهَّانِ.
وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ كَثِيرُونَ مِثْلُ: الْحَارِثِ الدِّمَشْقِيُّ، الَّذِي خَرَجَ بِالشَّامِ زَمَنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ يُخْرِجُونَ رِجْلَيْهِ مِن الْقَيْدِ وَتَمْنَعُ السِّلَاحَ أنْ يَنْفُذَ فِيهِ، وَتُسَبِّحُ الرَّخَامَةُ إذَا مَسَحَهَا بِيَدِهِ، وَكَانَ يَرَى النَّاسَ رِجَالًا وَرُكْبَانًا عَلَى خَيْلٍ فِي الْهَوَاءِ وَيَقُولُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّمَا كَانُوا جِنًّا، وَلَمَّا أَمْسَكَهُ الْمُسْلِمُونَ لِيَقْتُلُوهُ طَعَنَهُ الطَّاعِنُ بِالرُّمْحِ فَلَمْ يَنْفُذْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّك لَمْ تُسَمِّ اللهَ، فَسَمَّى اللهَ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ.
وَهَكَذَا أَهْلُ "الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ" تَنْصَرِفُ عَنْهُم شَيَاطِينُهُم إذَا ذُكِرَ عِنْدَهُم مَا يَطْرُدُهَا مِثْلُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ.
وَلهَذَا إذَا قَرَأَهَا الْإِنْسَانُ عِنْدَ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ بِصِدْقِ أَبْطَلَتْهَا، مِثْلُ مَن يَدْخُل النَّارَ بِحَالٍ شَيْطَانِيٍّ، أَو يَحْضُز سَمَاعَ الْمُكاءِ وَالتَّصْدِيَةِ، فَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ وَتَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ كَلَامًا لَا يُعْلَمُ، وَرُبَّمَا لَا يُفْقَهُ، وَرُبَّمَا كَاشَفَ بَعْضَ الْحَاضِرِينَ بِمَا فِي قَلْبِهِ، وَرُبَّمَا تَكَلَّمَ بِأَلْسِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْجِنِّي عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ.
وَالْإِنْسَانُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْحَالُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ الْمَصْرُوعِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute