للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ب - وَمَن كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْجِنَّ فِي أُمُورٍ مُبَاحَةٍ لَة، فَهُوَ كَمَن اسْتَعْمَلَ الْإِنْسَ فِي أُمُورٍ مُبَاحَةٍ لَهُ، وَهَذَا كَأنْ يَأْمُرَهُم بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِم وَيَنْهَاهُم عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِم وَيَسْتَعْمِلُهُم فِي مُبَاحَاتٍ لَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْل ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ مِن أَوْليَاءِ اللّهِ تَعَالَى فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ فِي عُمُومِ أَوْليَاءِ اللّهِ مِثْل النَّبِيِّ الْمَلِكِ مَعَ الْعَبْدِ الرَّسُولِ: كَسُلَيْمَانَ وَيُوسُفَ مَعَ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِم أجْمَعِينَ.

ج - وَمَن كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْجِنَّ فِيمَا يَنْهَى اللّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ، إمَّا فِي الشِّرْكِ، وَإِمَّا فِي قَتْلِ مَعْصُومِ الدَّمِ، أَو فِي الْعُدْوَانِ عَلَيْهِم بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَتَمْرِيضِهِ وَإِنْسَائِهِ الْعِلْمَ وَغَيْوَ ذَلِكَ مِن الظُّلْمِ، وَإِمَّا فِي فَاحِشَةٍ كَجَلْبِ مَن يُطْلَبُ مِنْهُ الْفَاحِشَةُ، فَهَذَا قَد اسْتَعَانَ بِهِم عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

ثُمَّ إنْ اسْتَعَانَ بِهِم عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِن اسْتَعَانَ بِهِم عَلَى الْمَعَاصِي فَهُوَ عَاصٍ: إمَّا فَاسِقٌ وَإِمَّا مُذْنِبٌ غَيْرُ فَاسِقٍ.

وَإِن لَمْ يَكُن تَامَّ الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ فَاسْتَعَانَ بِهِم فِيمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِن الْكَرَامَاتِ: مِثْلُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِم عَلَى الْحَجِّ، أَو أَنْ يَطِيرُوا بهِ عِنْدَ السَّمَاعِ الْبِدْعِيِّ، أَو أَنْ يَحْمِلُوهُ إلَى عَرَفَاتٍ وَلَا يَحُجّ الْحَجَّ الشَّرْعِيَّ الَّذِي أَمَرَهُ اللّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ يَحْمِلُوهُ مِن مَدِينَةٍ إلَى مَدِينَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مَغْرُورٌ قَد مَكَرُوا بِهِ.

وَكثِيرٌ مِن هَؤُلَاءِ قَد لَا يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ مِن الْجِنِّ؛ بَل قَد سَمِعَ أَنَّ أَوْليَاءَ اللّهِ لَهُم كَرَامَاتٌ وَخَوَارِقُ لِلْعَادَاتِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِن حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ الْقُرْآنِ مَا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْكَرَامَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَبَيْنَ التَّلْبِيسَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ فَيَمْكُرُونَ بِهِ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ. [١١/ ٣٠٧ - ٣٠٨]

١١٠٣ - كُلُّ مَن تَرَكَ الْاِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ فَلَا يَتْرُكُهُ إِلَّا إلَى كُفْرٍ وَشِرْكٍ؛ فَإِنَّ النَّفْسَ لَا بُدَّ لَهَا مِن إلَهٍ تَعْبُدُهُ، فَمَن لَمْ يَعْبُد الرَّحْمَنَ عَبَدَ الشَّيْطَانَ.

وَالنَّاسُ نَوْعَانِ: طُلَّابُ دِينٍ وَطُلَّابُ دُنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>