للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا أَنَّهُ لَو زَنَى مَرَّةً وَتَابَ كَانَ خَيْرًا مِن الْمُصِرِّ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ.

وَالذَّنْبُ يتغلظ بِتَكْرَارِهِ وَبِالْإِصْرَارِ عَلَيْهِ وَبِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِن سَيِّئَاتٍ أُخَرَ.

وَكَذَلِكَ لَو قَدَّرْنَا أَنَّ الزَّانِيَ زَنَى وَهُوَ خَائِفٌ مِن اللّهِ وَجِلٌ مِن عَذَابِهِ، وَالشَّارِبَ يَشْرَبُ لَاهِيًا غَافِلًا لَا يُرَاقِبُ اللّهَ كَانَ ذَنْبُهُ أَعْظَمَ مِن هَذَا الْوَجْهِ.

فَقَد يَقْتَرِنُ بِالذُّنُوبِ مَا يُخَفِّفُهَا وَقَد يَقْتَرِنُ بِهَا مَا يُغَلِّظُهَا. كَمَا أَنَّ الْحَسَنَاتِ قَد يَقْتَرِنُ بِهَا مَا يُعَظِّمُهَا وَقَد يَقْتَرِنُ بِهَا مَا يُصَغِّرُهَا. [١١/ ٦٥٩ - ٦٦٠]

١١٢٩ - إنّ تَرْكَ الْوَاجِبِ وَفِعْلَ الْمُحَرَّمِ مُتَلَازِمَانِ؛ وَلهَذَا كَانَ مَن فَعَلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ يُقَالُ: إنَّهُ عَصَى الْأَمْرَ. [١١/ ٦٧٢]

١١٣٠ - قَرَّرْت فِي قَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ أَنَّ أَصْلَ الذُّنُوبِ هُوَ عَدَمُ الْوَاجِبَاتِ لَا فِعْلَ الْمُحَرَّمَات، وَأَنَّ فِعْلَ الْمُحَرَّمَاتِ إنَّمَا وَقَعَ لِعَدَمِ الْوَاجِبَاتِ، فَصَارَ أَصْلُ الذُّنُوبِ عَدَمَ الْوَاجِبَاتِ. [١٤/ ٢٧]

١١٣١ - السَّيِّئَاتُ كُلُّهَا تَرْجِعُ لِلْجَهْلِ، وَإِلَّا فَلَو كَانَ عَالِمًا عِلْمًا نَافِعًا بِأَنَّ فِعْلَ هَذَا يَضُر ضَرَرًا رَاجِحًا لَمْ يَفْعَلْهُ، فَإِنَّ هَذَا خَاصِّيَّةُ الْعَاقِلِ.

وَلهَذَا إذَا كَانَ مِن الْحَسَنَاتِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ ضَرَرًا رَاجِحًا؛ كَالسُّقُوطِ مِن مَكَانٍ عَالٍ، أَو فِي نَهَرٍ يُغْرِقُهُ، أَو الْمُرُورِ بِجَنْبِ حَائِطٍ مَائِلٍ، أَو دُخُولِ نَارٍ مُتَأَجِّجَةٍ، أَو رَمْيِ مَالِهِ فِي الْبَحْرِ وَنَحْوِ ذَلِك، لَمْ يَفْعَلْهُ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ هَذَا ضَرَرٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ.

وَمَن لَمْ يَعْلَمْ أَن هَذَا يَضُرُّهُ - كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّاهِي وَالْغَافِلِ - فَقَد يَفْعَلُ ذَلِك.

وَمَن أَقْدَمَ عَلَى مَا يَضُرُّهُ - مَعَ عِلْمِهِ بِمَا فِيهِ مِن الضَّرَرِ عَلَيْهِ - فَلِظَنِّهِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ رَاجِحَةٌ.

وَالْهَوَى وَحْدَهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ إلَّا مَعَ الْجَهْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>