للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٥٦ - فَأَمَّا الْمُشْتَمِلُ عَلَى الشَّبَّابَاتِ وَالدُّفُوفِ المصلصلة فَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأرْبَعَةِ تَحْرِيمُهُ.

وَذَكَرَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا حُكِيَ فِي الْيَرَاعِ (١) الْمُجَرَّدِ.

مَعَ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ مِن أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَمْ يَذْكُرُوا فِي ذَلِكَ نِزَاعًا وَلَا مُتَقَدّمَةُ الْخُرَاسَاييِّين وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَأَخِّرُو الْخُرَاسَانيِّين.

وَقَد ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ لَهُم وَأَنَّ اللهُ مُعَاقِبُهُم.

فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَعَازِفِ.

وَالْمَعَازِفُ هِيَ آلَاتُ اللَّهْوِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَهَذَا اسْمٌ يَتَنَاوَلُ هَذ الْآلَاتِ كُلَّهَا. [١١/ ٥٣٧]

١١٥٧ - مَن كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِحَقَائِقِ الدِّينِ وَأَحْوَالِ الْقُلُوبِ وَمَعَارِفهَا وَأَذْوَاقِهَا وَمَوَاجِيدِهَا عَرَفَ أَنَّ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ (٢) لَا يَجْلِبُ لِلْقُلُوبِ مَنْفَعَةً وَلَا مَصْلَحَة إلَّا وفِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِن الضَّرَرِ وَالْمَفْسَدَةِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، فَهُوَ لِلرُّوحِ كَالْخَمْرِ لِلْجَسَدِ يَفْعَلُ فِي النُّفُوسِ فِعْلَ حُمَّيَا الْكُؤُوسِ، وَلهَذَا يُوَرِّثُ أَصْحَابَهُ سُكْرًا أَعْظَمَ مِن سُكْرِ الْخَمْرِ.

وَالسَّلَفُ يُسَمُّونَهُ تَغْبِيرًا؛ لِأنَّ التَّغْبِيرَ هُوَ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى جِلْدٍ مِن الْجُلُودِ، وَهُوَ مَا يُغَبِّرُ صَوْتَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّلْحِينِ، فَقَد يُضمُّ إلَى صَوْتِ الْإِنْسَانِ، إمَّا التَّصْفِيقُ بِأَحَدِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِمَّا الضَّرْبُ بِقَضِيبٍ عَلَى


(١) اليراع: هو الزمار من القصب. واحدته يراعة.
(٢) نقل الشيخ عن السَّلَف مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أنّ: "الْمُكَاء" كَالصَّفِيرِ وَنَحْوِهِ مِن التَّصْوِيتِ مِثْل الْغِنَاءِ. وَ"التَّصْدِيَة": التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>