مِسْكِينٌ، أَو رَجُلٌ جَيِّدٌ، وَلَكِنْ فِيهِ كَيْت وَكَيْت، وَرُبَّمَا يَقُولُ: دَعُونَا مِنْهُ اللّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ اسْتِنْقَاصَهُ وَهَضْمًا لِجَانِبِهِ، وَيُخْرِجُونَ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ صَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ، يُخَادِعُونَ اللهَ بِذَلِكَ كَمَا يُخَادِعُونَ مَخْلُوقًا، وَقَد رَأَيْنَا مِنْهُم أَلْوَانًا كَثِيرَةً مِن هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.
ب - وَمِنْهُم مَن يَرْفَعُ غَيْرَهُ (١) رِيَاءً فَيَرْفَعُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: لَو دَعَوْت الْبَارِحَةَ فِي صَلَاتِي لِفُلَان؛ لِمَا بَلَغَنِي عَنْهُ كَيْت وَكَيْت لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَه عِنْدَ مَن يَعْتَقِدُهُ.
أَو يَقُولُ: فُلَانٌ بَلِيدُ الذِّهْنِ قَلِيلُ الْفَهْمِ؛ وَقَصْدُهُ مَدْح نَفْسِهِ وَإِثْبَات مَعْرِفَتِهِ وَأَنَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ.
ج - وَمِنْهُم مَن يَحْمِلُهُ الْحَسَدُ عَلَى الْغِيبَةِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَبيحَيْنِ: الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ، وَإِذَا أُثْنِيَ عَلَى شَخْصٍ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِن تَنَقُّصِهِ فِي قَالِبِ دِينٍ وَصَلَاحٍ، أَو فِي قَالِبِ حَسَدٍ وَفُجُورٍ وَقَدْحٍ؛ ليُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ.
د - وَمِنْهُم مَن يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ تمسخر وَلَعِبٍ لَيُضْحِكَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْزَائِهِ وَمُحَاكَاتِهِ وَاسْتِصْغَارِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ.
هـ - وَمِنْهُم مَن يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ التَّعَجبِ، فَيَقُولُ: تَعَجَّبْت مِن فُلَانٍ كَيْفَ لَا يَفْعَلُ كَيْت وَكَيْت، وَمِن فُلَانٍ كَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ كَيْت وَكَيْت، وَكَيْفَ فَعَلَ كَيْت وَكَيْت، فَيُخْرِجُ اسْمَهُ فِي مَعْرِضِ تَعَجُّبِهِ.
و - وَمِنْهُم مَن يُخْرِجُ الاِغْتِمَامَ فَيَقُولُ: مِسْكينٌ فُلَانٌ غَمَّنِي مَا جَرَى لَهُ وَمَا تَمَّ لَهُ، فَيَظُنُ مَن يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يَغْتَمُّ لَهُ وَيَتَأسَّفُ وَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى التَّشَفِّي بِهِ، وَلَو قَدَرَ لَزَادَ عَلَى مَا بِهِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لِيَشْتَفُوا بِهِ.
(١) السياق يقتضي أن يقول: يضُعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute