للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخفى لما لا يخفى، وإذا ثبت نقل القراءة، ووافقت بعض لغات العرب، واحتملها الرسم، وجب قبولها ولم يبق للخائض إلاّ مرض البدعة انتهى (١).

قوله: وهو - أي الرّوم - أخفى - أي من الاختلاس - لما لا يخفى وهو: أن الرّوم والاختلاس يشتركان في أنّ المأتي به بعض الحركة، ويفترقان في أنّ الرّوم مختصّ بالوقف، والمأتي به أقل الحركة، والاختلاس مختصّ بالوصل، والمأتي به أكثر الحركة، أو الفرق بين الرّوم والإسكان أخفى من الفرق بين الاختلاس والإسكان، فمن زعم أنّ قراءة أبي عمرو هذه لحن لم يصب لأنّ أبا عمرو لم يقرأ إلاّ بأثر عن رسول الله ، ولغة العرب توافقه على ذلك، ووجه قراءته ظاهر في العربية وهو التّخفيف وإجراء المنفصل من كلمتين مجرى المتّصل من كلمة في: إبل، وعضد، وعنق على أنّهم نقلوا أنّ لغة تميم تسكين المرفوع من يعلمهم ونحوه، وعزاه الفرّاء لتميم وأسد مع أنّ سيبويه لم ينكر الإسكان أصلا بل أجازه، وأنشد عليه (٢):

اليوم أشرب غير مستحقب …

ولكنّه قال: القياس/غير ذلك، وأنشد أيضا (٣):


(١) النص من كنز المعاني ٣/ ١١٢٢ ببعض التصرف، وانظر الكتاب لسيبويه ٢/ ٤٠٨، الدر المصون ١/ ٣٦٢، المحرر الوجيز ١/ ١٤٦.
(٢) البيت من السريع، وهو لامرئ القيس، وتمامه:
إثما من الله ولا واغل
قاله امرؤ القيس حين قتل أبوه ونذر ألا يشرب الخمر، حتى يثأر به، فلما أدرك ثأره حلت له بزعمه، فلا يأثم بشربها، إذ قد وفى بنذره، والمستحقب: المكتسب، وأصل الاستحقاب: حمل الشئ في الحقيبة، والواغل: الداخل على الشرب ولم يدع، والشاهد فيه: تسكين الباء من قوله «أشرب» في حال الرفع والوصل، والبيت في ديوانه: ١٢٢، وفيه «فاليوم أسقي»، شرح المفصل ١/ ٤٨، همع الهوامع ١/ ١٨٧، خزانة الأدب ٣/ ٥٣١، الكتاب ٢/ ٢٩٧، شرح شواهد سيبويه ٤/ ٢٠٤، الحجة ١/ ٤١٠، شرح المفصل ١/ ٤٨، اللسان (حقب) ٢/ ٩٣٧.
(٣) البيت من السريع، وينسب لابن قيس الرقيات، وقيل للفرزدق، وقيل للأقيشر المغيرة بن الأسود، وفي ديوانه: ٤٣ بلفظ «رحت وفي رجليك عقالة»، والهن: كناية عن كل ما يقبح ذكره، -

<<  <  ج: ص:  >  >>