للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿اللهَ،﴾ وفي «يس» ﴿كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحانَ،﴾ وفي «غافر» ﴿كُنْ فَيَكُونُ * أَلَمْ تَرَ﴾ (١):

فابن عامر بنصب نون ﴿فَيَكُونُ﴾ في السّتّة، وقرأ الكسائي كذلك في «النّحل» و «يس»، وقد وجّهوا النّصب أنّه على جواب لفظ ﴿كُنْ﴾ لأنّه جاء بلفظ الأمر فشبهه بالأمر الحقيقي، ولا يصحّ نصبه على جواب الأمر الحقيقي لأنّ ذلك إنّما يكون على فعلين ينتظم منهما شرط وجزاء، نحو: «ايتني فاكرمك» [إذ المعنى إن تأتني أكرمك، وهنا لا ينتظم ذلك] (٢)، إذ يصير المعنى: «إن تكن تكن» فلا بد من اختلاف بين الشرط والجزاء، إمّا بالنسبة إلى الفاعل، وإمّا بالنسبة إلى الفعل في نفسه أو في شيء من متعلقاته، وقد تكلّم في هذه القراءة وأنّها لحن، وهذا القول خطأ لأنّ هذه القراءة في السّبعة فهي متواترة، ثمّ هي قراءة ابن عامر، وهو رجل عربي لم يكن ليلحن، وقراءة الكسائي في بعض المواضع وهو إمام الكوفيين في علم العربية (٣).

وقد أجيب: بأنّ الحمل على اللفظ فقط مثله ثابت في العربية والقرآن، قال الفارسي: "وقد حمل الأخفش/قوله تعالى: ﴿قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ (٤) على مجرّد اللفظ فجزم ﴿يُقِيمُوا﴾ جوابا للفظ: ﴿قُلْ،﴾ وإن لم يكن جوابا حقيقة"، و ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ﴾ (٥)، فالقول بأنّها لحن من أقبح الخطأ المؤثم الذي يجرّ قائله إلى الكفر، إذ هو طعن على ما علم نقله بالتّواتر من كتاب الله - تعالى (٦) -.

ووافقهما ابن محيصن في «يس» فقط.


(١) الآيات على الترتيب: آل عمران: ٤٧، النحل: ٤٠، مريم: ٣٥، يس: ٨٢، غافر: ٦٨، النشر ٢/ ٢٢١، المبهج ١/ ٤٧٧، مفردة ابن محيصن: ١٤٥، المصطلح: ١٥٢، إيضاح الرموز: ٢٨٣.
(٢) ما بين المعقوفين ليس في الأصل وهو في البحر المحيط ١/ ٥٨٧.
(٣) البحر المحيط ١/ ٥٨٧، الدر المصون ٢/ ٩٠.
(٤) إبراهيم: ٣١، الحجة ٢/ ٦٠٢.
(٥) الجاثية: ١٤.
(٦) كنز المعاني ٣/ ١١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>