﴿بَلى:﴾ (ك) قال الدّاني: في جميع القرآن إلاّ أربعة مواضع: «الأنعام»، و «سبأ»، و «الأحقاف»، و «التغابن»(١)؛ لاقترانها بالقسم، ومنع الوقف عليه هنا كالذي بعده وهو ﴿بَلى مَنْ أَسْلَمَ﴾ العماني، وعلل بأنّ الجملة جواب لقولهم ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً﴾ فقيل لهم: بلى تدخلونها ويخلدون فيها، وفي الثّاني جواب للجحد أيضا فقيل لهم: بلى يدخلها - أي الجنّة -؛ من أسلم وجهه لله، فما بعد ﴿بَلى﴾ في الآيتين كلام أوجبه ﴿بَلى﴾ فلا يفصل بينه وبين ﴿بَلى،﴾ قال:
فالوقف على ﴿بَلى﴾ في الآيتين غلط، ومن أجازه فقد أخطأ، لأنّ ﴿بَلى﴾ وإن كان جوابا للجحد الذي قبله فهو إيجاب لما بعده فلا يفصل بينه وبين الشيء الذي يوجبه انتهى، وتعقب: بأنّ ﴿بَلى﴾ يجوز أن يكون الموصول بعدها مبتدأ والتقدير يدخلها من كسب سيئة، ويدخلها من أسلم، فيكون الوقف على ﴿بَلى﴾ كافيا لأنّه إنّما يتعلق بما قبله في المعنى دون اللفظ، وقد تقدم جميع ما قاله هنا بما ذكره في سورة القيامة فإنّه حكى عن أبي حاتم أنّه قال: الوقف على ﴿بَلى﴾ تام عندي، فتكون ﴿بَلى﴾ نجمعها ﴿قادِرِينَ،﴾ ونصبت ﴿قادِرِينَ﴾ على الحال، ثمّ قال العماني: هذا كلام أبي حاتم ورأيه، ثمّ قال: والوقف على ﴿بَلى﴾ جيد كما قال: لكنه لا يمتنع جواز الوقف على ﴿عِظامَهُ،﴾ ويبتدئ ﴿بَلى قادِرِينَ﴾ على أنّه إثبات لقدرته على ما استبعدوه من البعث والنّشور، كأنّه قال: بلى يقدر على تسوية خلقه في الدنيا وبعثه ونشره في الآخرة، ثمّ قال: والوقف على ﴿بَلى﴾ هنا أحسن كما قاله أبو حاتم، فأين هذا من كلامه هنا، والظاهر أنّه نسي انتهى.
والذي قرّره العماني صحيح لكن باعتبار التّأكيد لا باعتبار التأسيس، وتغليط المتعقّب له إنّما هو باعتبار تغليطه هو وتخطئته لمن ترك ما لا يجب أن يؤتى به وهو التّأكيد لأنّ الكلام قد انتظم وحصلت فائدته مع قطع النظر، والله أعلم.