للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المسلمين حتى كفّر بعضهم بعضا، فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشدّ اختلافا" (١).

قال الحافظ ابن حجر: "ويظهر لي أنّ حذيفة لمّا رأى اختلاف أهل الشّام والعراق اشتدّ خوفه، وركب إلى عثمان، فصادف أنّ عثمان أيضا وقع له ذلك، فلمّا أعلمه باختلاف أهل الأمصار تحقق عنده ما ظنّه من ذلك، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي بالصّحف ننسخها في المصاحف، فنسخها في المصاحف" (٢).

والفرق بين الصّحف والمصحف: أنّ الصّحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر وكانت سورا مفرّقة، كلّسورة مرتّبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلمّا نسخت ورتّب بعضها إثر بعض صارت مصحفا (٣).

وفى رواية ابن أبي داود من طريق [محمد بن إسحاق] (٤)، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: أتى الحارث بن خزيمة (٥) بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة، فقال: "أشهد أني سمعتهما من رسول الله ، ووعيتهما"، فقال عمر:

"وأنا أشهد لقد سمعتهما"، ثمّ قال: "لو كانت ثلاث آيات لجعلتهاسورة على حدة فانظرواسورة من القرآن فألحقوها في آخرها" (٦)، فظاهره أنّهم كانوا يؤلّفون آيات السّور باجتهادهم، وسائر الأخبار يدل على أنّهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلاّ بالتّوقيف.

وروى أحمد وأصحاب السنن الثّلاثة، وصحّحه ابن حبان، والحاكم من حديث


(١) أخرجه في المصاحف ٢٠٤ (٧٣)، وتفرّد به وهو ضعيف للانقطاع بين أبي قلابة وعثمان.
(٢) الفتح ٩/ ١٨، والكلام بتصرف كبير من المؤلف.
(٣) الفتح ٩/ ١٨.
(٤) ما بين المعقوفين في الأصل: [إسحاق].
(٥) حارث بن خزمة بفتح الخاء والزاي -، وقيل: خزيمة، بالتصغير، بن عدي، أبو خزمة الأنصاري ويكنى أيضا أبا بشر شهد بدرا وأحدا وما بعدهما، مات بالمدينة سنة أربعين من الهجرة، انظر: معجم الصحابة ٤/ ١٣٣٣ (١٩٠)، أسد الغابة ١/ ٣٨٩، الإصابة ١/ ٢٩٠.
(٦) رواه أحمد ١/ ١٩٩ (١٧١٥) وقال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف"، وانظر: معجم الصحابة -

<<  <  ج: ص:  >  >>