للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ﴾ (١) فابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، وكذا خلف بضم حرف المضارعة وفتح العين وكسر اللاّم مشدّدة من «علّم» فتعدى لاثنين أوّلهما محذوف تقديره: تعلّمون النّاس أو الطّالبين الكتاب، ويجوز أن لا يراد مفعول أي: كنتم من أهل تعليم الكتاب، وهو نظير "أطعم الخبز" المقصود الأهم إطعام الخبز من غير نظر إلى من يطعمه، فالتّضعيف فيه للتّعدية، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بفتح حرف المضارعة وتسكين العين وفتح اللاّم من: «علم»، «يعلم»، أي: تعرفون، فيتعدى لواحد، ورجح بعضهم السّابقة من حيث أنّها أبلغ، وذلك أنّ كلّ معلّم عالم، وليس كلّ عالم معلم فالوصف بالتّعليم أبلغ وبأنّ قبله ذكر الرّبانيين، والرّباني يقتضى أن يعلم ويعلّم غيره، لا أن يقتصر بالعلم على نفسه، ورجّح آخرون التّخفيف بأنّه لم يذكر إلاّ مفعول واحد والأصل عدم الحذف، والتّخفيف مسوّغ لذلك بخلاف التّشديد، فإنّه لا بد من تقدير مفعول، وأيضا فهو أوفق ل ﴿تَدْرُسُونَ﴾ (٢)، وأجازه الجعبري لما ذكرته قال: "والمعنى عليه لأنّ التّمسك بالدين مسبّب عن العلم لا التّعليم" انتهى، والقراءتان متواترتان فلا ينبغي ترجيح أحدهما [على] (٣) الأخرى.

واختلف في ﴿(وَلا يَأْمُرَكُمْ)(٤) فابن عامر وعاصم وحمزة وكذا خلف ويعقوب بنصب الرّاء، "وفيها قولان:

أحدهما: قول أبي علي (٥) وغيره، وهو أن يكون المعنى: ولا له أن يأمركم، فقدّروا «أنّ» مضمرة بعد «لا» وتكون «لا» مؤكّدة لمعنى النّفي السّابق كما تقول:" ما


(١) آل عمران: ٧٩، النشر ٢/ ٢٤٠، المبهج ٢/ ١٥٥، مصطلح الإشارات: ١٨٦، إيضاح الرموز: ٣٢٣، البحر المحيط ٣/ ٢٣٢، كنز المعاني ٣/ ١٣٤٤.
(٢) الدر المصون ٣/ ٢٧٧.
(٣) في الأصل [عن]، وهو تصحيف.
(٤) آل عمران: ٨٠، النشر ٢/ ٢٤١، مفردة الحسن: ٢٤٢، المبهج ٢/ ١٥٥، مفردة ابن محيصن: ١٠٢، إيضاح الرموز: ٣٢٣، مصطلح الإشارات: ١٨٧، الدر المصون ٤/ ٥٨.
(٥) الحجة ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>