للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغيب فيهما وفتح الباء في الأوّل وضمها في الثّانية، وافقهم ابن محيصن واليزيدي فالفعل الأوّل مسند إلى ضمير غائب إمّا إلى الرّسول أو إلى غيره، والثّاني مسند إلى ضمير ﴿الَّذِينَ،﴾ ومن ثمّ ضمّت الباء لتدل على واو الضّمير المحذوفة لسكون النّون التي بعدها، أصله «يحسبوننّهم» بنونين الأولى نون الرفع/والثّانية نون التّأكيد، و ﴿الَّذِينَ يَفْرَحُونَ﴾ مفعول أوّل للأوّل، والثّاني ﴿بِمَفازَةٍ﴾ وأوّل مفعولي الثّاني ضمير «هم» المنصوب، والمفعول الثّاني محذوف تقديره كذلك، والفاء عاطفة أي: لا يحسبن الرّسول الفارحين ناجين ولا يحسبن الفارحون أنفسهم ناجين [وقيل: إن مفعول الأول محذوف لدلالة المفعول الثاني للفعل الذي بعده عليه وهو «مفازة»، والتقدير لا يحسبن الرسول أو حاسب الذين يفرحون بمفازة فلا تحسبنهم بمفازة، فأسند الفعل الثاني لضمير ﴿(الَّذِينَ)﴾، ومفعولاه الضمير المنصوب وهو هم بمفازة، ويجوز أن يكون الفعل الأول مسندا إلى الموصول وحذف مفعولاه اختصارا لدلالة مفعولي الفعل الثاني عليهما تقديره: ولا يحسبن الفارحون أنفسهم فائزين فلا يحسبنهم فائزين كقوله (١):

يأيّ كتاب أم بأيّة سنّة … ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب

أي: وتحسب حبهم عارا، فحذف مفعولي الفعل الثاني لدلالة مفعولى الأول عليهما، وهو عكس الآية الكريمة حيث حذف فيها من الفعل الأول، أو يكون المفعول الأول للفعل الأول محذوف والثاني هو نفس ﴿(بِمَفازَةٍ)﴾ ويكون «فلا يحسبنهم» تأكيدا للفعل الأول والفاء هنا زائدة ليست عاطفة وعليه قول:

وحتى تركت العائدات يعدنه … فيقلن: لا يبعد، وقلت له: ابعد] (٢)


(١) البيت من الطويل هو للكميت في الخزانة ٩/ ١٨٩، المحتسب ١/ ١٨٣، أوضح المسالك ٢/ ٦٩.
(٢) ما بين المعقوفين سقط من الأصل، والنص في الدر المصون بتمامه ٣/ ٥٢٩، والبيت لحاتم الطائي وهو في ديوانه: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>