للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد طعن جماعة في هذه القراءة كالزجاج والفراء والمازني، فقال الثّاني: خفض «والأرحام» هو كقوله: أسألك بالله والرّحم، وهذا قبيح لأنّ العرب لا ترد مخفوضا على مخفوض قد كني وقال الزجاج:" والجر خطأ في العربية لإجماع النّحاة على قبح العطف على الضّمير المجرور بغير إعادة الجار " (١)، وقال البيضاوي:" وقرأ حمزة بالجر عطفا على الضّمير المجرور وهو ضعيف " (٢) انتهى.

وقد أجاب العلامة الجعبري عن ذلك بأنّ مذهب/أكثر البصريين اشتراط إثبات الجار في المعطوف لفظا نحو: ﴿بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ﴾ ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾، أو تقديرا اختيارا نحو: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ (٣) على رأي، وقوله (٤): ما فيها غيره وفرسه، وإنشاد سيبويه (٥):

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا … فاذهب فما بك والأيام من عجب

ومذهب الجرمي اشتراط أحد أمرين مراعاة الجار أو التّأكيد نحو:" مررت به نفسه وزيد "، ومذهب يونس والأخفش وجلّ الكوفيين عدم اشتراط الإثبات مطلقا فيدل هذا على جواز الجرّ بالعطف إجماعا، أمّا عند من لم يشترط فظاهر وأمّا عند


(١) معاني القرآن ١/ ٢٥٢، معاني القرآن للزجاج ٢/ ٦، إعراب القرآن للنحاس ١/ ٣٩١، الحجة للفارسي ١/ ١١٩.
(٢) تفسير البيضاوي: ١٣٨.
(٣) القصص: ٨١، الزخرف: ٤٤، البقرة: ٢١٧، على الترتيب.
(٤) في كنز المعاني ٣/ ١٣٩٦ القائل قطرب، وانظر: الارتشاف ٤/ ٢٠١٣.
(٥) الكتاب ٢/ ٣٨٣، والبيت من بحر البسيط، من ذكر الأعشى، وينسب لعمرو بن معديكرب ولخفاف بن ندبة ولعباس بن مرداس، المعنى: شرعت اليوم في شتمنا والنيل منا، فإن فعلت ذلك فاذهب، فليس غريبا منك لأنك أهل له، وليس عجيبا من هذا الزمان الذي فسد كل من فيه، الشاهد فيه:" بك والأيام "حيث عطف" أيام "على الضمير المجرور وهو" بك "من غير إعادة الجار، ذكره: الأشموني ٤٣٠/ ٢، وابن عقيل ١٧٨/ ٢، والمكودي: ١٢٢، شرح المفصل ٧٨/ ٣، والسيوطي في الهمع ٢/ ١٣٩، وسيبويه ١/ ٣٩٢، الخزانة ٥/ ١٢٣، شرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠٧، شرح الشواهد الشعرية ١/ ١٣٢، المفصل ١/ ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>