للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (١) فنافع وابن كثير وابن عامر وكذا أبو جعفر ﴿وَيَقُولُ﴾ بغير واو قبل الياء ورفع اللاّم جملة مستأنفة سيقت جوابا لسؤال مقّدّر، كأنّه لمّا تقدّم في قوله - تعالى - ﴿فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾ إلى قوله ﴿نادِمِينَ﴾، سأل سائل فقال: ماذا قال المؤمنون حينئذ؟ فأجيب بقوله: الذين آمنوا إلى آخره، وهو واضح، ووافقهم ابن محيصن، وقرأ أبو عمرو وكذا يعقوب بإثبات الواو ونصب اللاّم عطفا على ﴿فَيُصْبِحُوا﴾ على أحد الوجهين في نصب ﴿فَيُصْبِحُوا﴾ يعني كونه منصوبا بإضمار ﴿أَنْ﴾ في جواب التّرجي بعد الفاء إجراء للتّرجي مجرى التّمني، وفيه خلاف مشهور بين البصريين والكوفيين، فالبصريون يمنعونه والكوفيون يجيزونه مستدلين على ذلك بقراءة نافع «يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى» بنصب «فتنفعه»، وهذا الوجه - يعني عطف ﴿وَيَقُولُ﴾ على ﴿فَيُصْبِحُوا﴾ - قاله الفارسي (٢): وتبعه جماعة، ونقله عنه ابن عطية وابن الحاجب وعزاه الجعبري له واستجازه أبو شامة (٣)، وقال:

إنّه لم يره لغير ابن الحاجب، وتعقبه في (الدر المصون) بأنّه: "مشهور عن أبي علي الفارسي وأنّه إنّما يتمشى على قول الكوفيين وهو مرجوح" (٤)، وقال البيضاوي كغيره: "عطفا على ﴿أَنْ يَأْتِيَ﴾ باعتبار المعنى فكأنه قال: عسى أن يأتي بالفتح" (٥)، وافقهم اليزيدي، وقرأ الباقون بالواو والرفع، وهي قراءة واضحة لأنّها جملة ابتدئ بالإخبار بها، قالوا: واستئنافية لمجرد عطف جملة على جملة، والواو ثابتة في مصاحف الكوفة والمشرق، والقارئ بذلك هو صاحب هذا المصحف (٦).


(١) المائدة: ٥٣، النشر ٢/ ٢٥٥، المبهج ٢/ ٥٦٠، مفردة ابن محيصن: ٢٢٨، مصطلح الإشارات: ٢١٨، إيضاح الرموز: ٣٦٢، الدر المصون ٤/ ٣٠١.
(٢) الحجة للفارسي ٣/ ٢٣١، المحرر الوجيز ٥/ ١٣٣، معاني الفراء ٣/ ٢٣٥، الكشف ١/ ٤١٢، البحر المحيط ٤/ ٢٩٣.
(٣) إبراز المعاني ٣/ ٩٥، كنز المعاني ٣/ ١٤٩٥.
(٤) الدر المصون ٤/ ٣٠٢.
(٥) تفسير البيضاوي ٢/ ٣٣٥.
(٦) الدر المصون ٤/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>