للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿مَنْ يَرْتَدَّ﴾ (١) فنافع وابن عامر وكذا أبو جعفر بدالين الأولى مكسورة والثّانية مجزومة بفك الإدغام على الأصل وامتنع الإدغام لأنّ الدّال الثّانية سكنت للجزم ولا تدغم إلاّ في متحرك، وعليها الرّسم المدني والشامي والإمام، وقرأ الباقون بدال واحدة مفتوحة مشدّدة بالإدغام وهو: لغة تميم والإظهار لغة الحجاز، ووجه الإدغام تخفيف المثلين وحركت الدّال الثّانية للسّاكنين محافظة على أصل الإدغام بالفتح تخفيفا، قال الحسن فيما ذكره الكواشي: علم الله برجوع قوم بعد موت النّبي عن الإسلام فلذلك قال ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ﴾ الآية، وقد ارتدّ من العرب في أواخر عهده ثلاث فرق من مذجح وبينهم عبهلة الأسود العنسي تنبأ باليمن، وقتله فيروز الدّيلمي على فراشه ليلة قبض رسول الله ، وأخبر به تلك الليلة فسر المسلمون، وبنو حنيفة باليمامة رئيسهم مسيلمة الكذاب واسمه ثمامة بن قيس تنبأ في حياته آخر سنة عشر، وحاربه أبو بكر الصديق بعد موت الرّسول فقتله وحشي قاتل حمزة بعد حرب شديدة، وكان وحشي يقول: قتلت خير النّاس في الجاهلية وشر النّاس في الإسلام، وبنو أسد ورئيسهم طليحة بن خويلد وكان آخر من ارتدّ وادّعى النّبوّة في حياة النّبي وهو أوّل من قوتل بعد الوفاة النّبويّة ثمّ أسلم وحسن إسلامه.

واتّفق عل حرف «البقرة» وهو ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ﴾ (٢) أنّه بدالين لإجماع المصاحف عليه كذلك، واحتج له في (النّشر) بأنّ: "طول سورة «البقرة» يقتضي الإطناب وزيادة الحرف من ذلك قال: ألا ترى إلى قوله - تعالى - ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في «الأنفال» كيف أجمع على [فكه بخلاف] (٣) ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ﴾ في «الحشر» أجمع على إدغامه، وذلك لتقارب المقامين من الإطناب والإيجاز" انتهى.


(١) المائدة: ٥٤، النشر ٢/ ٢٥٦، المبهج ٢/ ٥٦٠، الإيضاح: ٣٦٢، كنز المعاني ٣/ ١٤٦٥.
(٢) البقرة: ٢١٧، الأنفال: ١٣، النشر ٢/ ٢٥٥.
(٣) ما بين المعقوفين في النشر ٢/ ٢٥٥: "فك إدغامه وقوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ﴾ " الحشر: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>