للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشّنبوذي، وقرأ ابن كثير وابن عامر وحفص بالتّأنيث والرفع على أنّ ﴿فِتْنَتُهُمْ﴾ اسم ﴿تَكُنْ﴾ ولذلك أنّث الفعل لإسناده إلى مؤنث و ﴿إِلاّ أَنْ قالُوا﴾ خبرها، وافقهم ابن محيصن [والحسن] (١)، وقرأ أبو بكر - من طريق العليمي - وحمزة والكسائي وكذا يعقوب بالتّذكير والنّصب، وهي أفصح هذه القراءات لإجرائها على القواعد من غير تأويل، وذلك أنّ ﴿فِتْنَتُهُمْ﴾ خبر مقدّم و ﴿أَنْ قالُوا﴾ بتأويل اسم مؤخر، والتقدير: ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ قولهم، وإنّما كانت أفصح لأنّه إذا اجتمع اسمان أحدهما أعرف فالأحسن جعله اسما محدّثا عنه والآخر خبرا حدثنا عنه، و ﴿أَنْ قالُوا﴾ يشبه المضمر، والمضمر أعرف المعارف، وهذه القراءة جعل الأعرف فيها اسما ل «كان»، وغير الأعرف خبرها، ولم يؤنّث الفعل لإسناده إلى مذكر، وأمّا قراءة ابن كثير ومن معه ففيها جعل غير الأعرف اسما، والأعرف خبرا فليست في القوة كهذه، [وقرأ المطوعي عن الأعمش بتذكير (لم يكن) ورفع (فتنتهم) على أنه اسم، والخبر «إِلاّ أَنْ قالُوا»، فينتج من تركيب الكلمتين أربع قراءات] (٢).

واختلف في ﴿وَاللهِ رَبِّنا﴾ (٣) فحمزة والكسائي، وكذا خلف بنصب الباء، إمّا على النّداء - أي يا ربنا - وإمّا على المدح، قاله ابن عطية (٤) والبيضاوي (٥)، وإمّا على إضمار أعني، /قاله أبو البقاء (٦)، قال في (الدر): "وعلى كلّ تقدير فالجملة معترضة بين القسم وجوابه وهو قوله ﴿ما كُنّا مُشْرِكِينَ﴾ " (٧)، ووافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بالجر على النّعت أو البدل أو عطف بيان.


(١) في (أ، ط، ج) [واليزيدي]، انظر: مفردة الحسن: ٢٧٣.
(٢) في غير (ط) [وافقهم المطوعي] وما أثبته هو الموافق لما في إيضاح الرموز: ٣٧١ وغيره.
(٣) الأنعام: ٢٣، النشر ٢/ ٢٥٨، المبهج ٢/ ٥٦٩، المصطلح: ٢٢٦، إيضاح الرموز: ٣٧١.
(٤) قال ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٢٧٨: "وقرأ حمزة والكسائي «ربّنا» نصب على النداء، ويجوز فيه تقدير المدح".
(٥) تفسير البيضاوي ٢/ ٤٠٠.
(٦) الإملاء ١/ ٢٣٨، التبيان ١/ ٤٨٧.
(٧) الدر المصون ٤/ ٥٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>