للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رزق مالا ولم يحسن إلى صاحبه ولم يكافئه كذب، وصحّ أن يقال له: كاذب، وأيضا فإنّ قوله ﴿وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ ليس متعلقا بالمتمنى بل هو محض إخبار من الله - تعالى - بأنّ ديدنهم الكذب وهجّيراهم (١) ذلك فلم يدخل الكذب في التّمني (٢) انتهى.

ويحتمل أن يكون الرفع في الآية أنّ قوله ﴿وَلا نُكَذِّبَ﴾ ﴿وَنَكُونَ﴾ خبر لمبتدأ محذوف، والجملة استئنافية لا تعلق لها بما قبلها، وإنّما عطفت هاتان الجملتان الفعليتان على الجملة المشتملة على أداة التّمني وما في حيزها فليست داخلة في التّمني أصلا، وإنّما أخبر - تعالى - عنهم أنّهم أخبروا عن أنفسهم بأنّهم لا يكذّبون بآيات ربهم، وأنهم يكونون من المؤمنين، فتكون هذه الجملة وما عطفت عليه في محل نصب بالقول، كأنّ التّقدير: فقالوا: يا ليتنا نرد، وقالوا: نحن لا نكذب ونكون من المؤمنين.

وأمّا قراءة ابن عامر فظاهرة بما تقدّم لأنّ الأوّل يرتفع على حدّ ما تقدّم من التّأويلات، وكذلك نصب الثّاني على ما تقدم أيضا، ويكون قد أدخل عدم التّكذيب في التّمني أو استأنفه، إلاّ أنّ المنصوب يحتمل أن يكون من تمام قوله نرد أي تمنّوا الرّد مع كونهم من المؤمنين، وهذا ظاهر إذا جعلنا «وَلا نُكَذِّبَ» معطوفا على ﴿نُرَدُّ﴾ أو حالا منه، وأمّا إذا جعلنا «وَلا نُكَذِّبَ» مستأنفا فيجوز ذلك أيضا، ولكن على سبيل الاعتراض انتهى/من (الدر المصون) (٣).

وعن الأعمش «ولو ردّوا» (٤) بكسر الرّاء خالصة، وكذا «رُدَّتْ» (٥) حيث


(١) قال في المعجم الوسيط ٢/ ٩٧٣: (الهجيري) كثرة الكلام، والقول السيء، والدأب والعادة، يقال: ما زال هذا هجيراه ما يولع بذكره، ولا تكاد تستعمل إلا في العادة الذميمة.
(٢) الدر المصون ٦/ ١٧٤، والكشاف ٢/ ١٥.
(٣) الدر المصون ٤/ ٥٩٠، والنقل بتصرف.
(٤) الأنعام: ٢٨، المبهج ٢/ ٥٧٠، مصطلح الإشارات: ٢٢٧، إيضاح الرموز: ٣٧١، الدر المصون ٤/ ٥٩٢.
(٥) يوسف: ٦٥، موضعين معا.

<<  <  ج: ص:  >  >>