للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلّ السّبيل لمن يبني المنار بها …

وأمّا «استبان» فيكون متعديا نحو: "استبنت الشيء"، ويكون لازما نحو: "استبان الصبح"، بمعنى: "بان" فمن قرأ بالياء من تحت ورفع فإنّه أسند الفعل إلى «السبيل» فرفعه على أنّه مذكر وعلى أنّ الفعل لازم، ومن قرأ بالتّاء من فوق ونصب فكذلك ولكن على لغة التّأنيث، ومن قرأ بالتّاء من فوق ونصب «السبيل» فإنّه أسند الفعل إلى المخاطب ونصب «السبيل» على المفعولية، وذلك تعدية الفعل أي: ولتستبين أنت سبيل المجرمين، فالتّاء في «تستبين» مختلفة المعنى فإنّها في إحدى القراءتين للخطاب وفي الأخرى للتّأنيث، وهي في كلا الحالين للمضارعة، «وتستبين» منصوب بإضمار «أن» /بعد لام «كي» (١).

واختلف في «يقضي الحق» (٢) فنافع وابن كثير وعاصم وكذا أبو جعفر بالصاد المهملة المشدّدة المرفوعة من «قصّ الحديث» أو من «قصّ الأثر» أي تتبّعه، وقال - تعالى - ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ (٣)، وافقهم ابن محيصن، وقرأ الباقون بقاف ساكنة وضاد معجمة مكسورة خفيفة من القضاء ويؤيدها قوله سبحانه ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ﴾ (٤) فإنّ الفصل يناسب القضاء، ولم يرسم إلاّ بضاد، كأنّ الباء حذفت خطا كما حذفت لفظا لالتقاء السّاكنين كما حذفت من نحو ﴿فَما تُغْنِ النُّذُرُ﴾ (٥) وكما حذفت الواو في ﴿سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ ﴿وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ﴾ (٦)، ونصب ﴿الْحَقَّ﴾ بعده على أنّه صفة لمصدر محذوف أي: يقضي القضاء الحق، أو أنّه ضمّن «يقضي»


(١) منقول من الدر المصون ٦/ ٢٤٤، بنصه.
(٢) الأنعام: ٥٧، النشر ٢/ ٢٥٩، مفردة ابن محيصن: ٢٣٢، المبهج ٢/ ٥٧٣، مصطلح الإشارات: ٢٢٩، إيضاح الرموز: ٣٧٥، الدر المصون ٦/ ٢٤٧.
(٣) يوسف: ٣.
(٤) الأنعام: ٥٧.
(٥) القمر: ٥.
(٦) العلق: ١٨، الشورى: ٢٤ على الترتيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>