للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿أَنَّها إِذا جاءَتْ﴾ (١) فابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر بخلاف عنه، وكذا يعقوب وخلف بكسر همزة ﴿أَنَّها﴾ وهي رواية العليمي عن أبي بكر قال في (الدر): " [وهي قراءة واضحة] (٢) استجودها الخليل وغيره لأنّ معناها استئناف إخبار بعدم إيمان من طبع على قلبه ﴿وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ﴾، قال سيبويه (٣): سألت الخليل عن هذه القراءة - يعني قراءة الفتح - فقلت: ما منع أن يكون كقولك: ما يدريك أنّه لا يفعل؟، فقال: لا يحسن ذلك في هذا الموضع، إنّما قال: ﴿وَما يُشْعِرُكُمْ﴾، ثمّ ابتدأ فأوجب فقال: «إنّها إذا جاءت لا يؤمنون»، ولو فتح فقال:" وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون "لكان عذرا لهم، وقد شرح النّاس قول الخليل وأوضحوه فقال الواحدي وغيره:" لأنّك لو فتحت «أنّ» وجعلتها التي في نحو: "بلغني أنّ زيدا منطلق" لكان عذرا لمن أخبر عنهم أنّهم لا يؤمنون، لأنّه إذا قال القائل: "إنّ زيدا لا يؤمن"، فقلت: وما يدريك أنّه لا يؤمن، كان المعنى: أنّه يؤمن، وإذا كان كذلك كان عذرا لمن نفى عنه الإيمان، وليس مراد الآية الكريمة إقامة عذرهم ووجود إيمانهم " (٤)، وقال الزّمخشري: /" وقرئ «إنها» بالكسر على أنّ الكلام قد تمّ قبله بمعنى: وما يشعركم ما يكون منهم، ثمّ أخبرهم بعلمه فيهم فقال: إنّها إذا جاءت لا يؤمنون " (٥)، وثاني مفعولي ﴿يُشْعِرُكُمْ﴾ محذوف أي: وما يدريكم إيمانهم أو ما يكون منهم، وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن، وقرأ الباقون بالفتح، وبه قرأ أبو بكر في وجهه الثّاني، وهو رواية العراقيين قاطبة عن يحيى عنه، وهو الذي في (العنوان)، ووجّه الفتح بأوجه أظهرها:


(١) الأنعام: ١٠٩، النشر ٢/ ٢٦٢، المبهج ٢/ ٢٥٥، مصطلح الإشارات: ٢٣٦، إيضاح الرموز: ٣٨٢.
(٢) طمس في الأصل، وهي في باقي المخطوطات كما أثبتّها، وفي (الدر) [فأما على قراءة الكسر فواضحة]، انظر الدر المصون ٥/ ١٠١.
(٣) الكتاب ٣/ ١٢٣.
(٤) التفسير البسيط ٨/ ٣٥٣.
(٥) الدر المصون ٦/ ٣٧٨، الكشاف ٢/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>