للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّها بمعنى «لعلّ»، حكى الخليل:" ائت السوق أنّك تشترى لنا منه شيئا "، أي:

لعلك، فهذا من كلام العرب - كما حكاه الخليل - شاهدا على كون «أنّ» بمعنى:

«لعلّ»، قالوا: ويدل على ذلك أنّها في مصحف أبي وقراءته «وما أدراكم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون»، ورجّحوا ذلك أيضا بأنّ «لعلّ» قد كثر ورودها في مثل هذا التركيب كقوله - تعالى - ﴿وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ﴾، ﴿وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى﴾ (١).

الثّاني: أن تكون «لا» مزيدة، وهذا رأي الفرّاء (٢) وشيخه، قال: ومثله ﴿ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ﴾ (٣) أي: أن تسجد، فيكون التّقدير: وما يشعركم أنّها إذا جاءت [لا] (٤) يؤمنون، والمعنى على هذا أنّها لو جاءت لم يؤمنوا، وإنّما حمله على زيادتها ما تقدّم من أنّها لو لم تقدّر زائدة لكان ظاهر الكلام عذرا للكفار وأنّهم يؤمنون كما عرفت تحقيقه أوّلا، إلاّ أنّ الزجاج (٥) نسب ذلك إلى الغلط فقال: والذي ذكر أن «لا» لغو غالط، لأنّ ما يكون لغوا لا يكون غير لغو، ومن قرأ بالكسر فالإجماع على أنّ «لا» غير لغو فليس يجوز أن يكون معنى لفظه مرة النّفي ومرة الإيجاب في سياق واحد، وانتصر الفارسي لقول الفرّاء ونفى عنه الغلط فإنّه قال: يجوز أن تكون «لا» في تأويل [زائدة وفي تأويل] (٦) غير زائدة كقول الشاعر (٧):

أبى جوده لا البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود نائله


(١) الشورى: ١٧، عبس: ٣.
(٢) معاني القرآن ١/ ٣٥٠.
(٣) الأعراف: ١٢.
(٤) هكذا في المخطوطات، وفي الدر المصون ٥/ ١٠٤ بغير [لا]، وهو الصواب.
(٥) معاني القرآن ٢/ ٣١٠.
(٦) زيادة من الدر المصون ٥/ ١٠٥، يقتضيها السياق، وانظر: الحجة ٣/ ٣٨٠.
(٧) البيت من الطويل، والبيت لم يعرف قائله، وآخر البيت «قاتله» وليس «نائله»، والبيت مدح لكريم، وهي شاهد على أن «لا» زائدة على وجه من أوجه روايات كلمة البخل، انظر شرح الشواهد الشعرية ٢/ ٢٧٧، شرح أبيات المغني ٥/ ٢٠، لسان العرب ١٢/ ٥٨٩، الخصائص ٢/ ٣٥، ٢٨٣، والجني الداني: ٣٠٢، اللباب ١/ ٢٤٥، مغني اللبيب: ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>