للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عطية: "وهذه قراءة ضعيفة في استعمال العرب، وذلك أنّه أضاف الفعل إلى الفاعل وهو: الشركاء، ثمّ فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، ورؤساء العرب لا يجيزون الفصل بالظروف في مثل هذا إلاّ في الشعر فكيف بالمفعول في أفصح كلام" (١)، وقال الزّمخشري - فأغلظ وأساء في عبارته -: "وأمّا قراءة ابن عامر فشيء لو كان في مكان الضرورة وهو الشعر لكان سمجا مردودا، فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته"، قال: "والذي حمله على ذلك أنّه رأى في بعض المصاحف «شركائهم» مكتوبا بالياء، ولو قرأ بجرّ:

الأولاد والشركاء لأنّ الأولاد شركاءهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب" (٢) انتهى، فانظر ما أبشع هذا الكلام وأقبحه، ولكن هذا الرجل وإن كان قد أوتي من علوم القرآن أوفر حظّ، وجمع بين إضراع المعنى وبراعة اللفظ ففي تفسيره الفائق أشياء منتقدة من تحريف معاني التّنزيل بل نصرة لمذهبه وعقيدته الفاسدة مع تجرّئه بالطعن في القراءات المتواترة وأمور كثيرة ارتكبها يقف عليها من نظر في الحواشي المؤلفة في الانتقاد عليه (٣)، والله - تعالى - يرحم الإمام أثير الدين أبا حيّان حيث نبّه على وصمات هذا الحبر بما أودعه في (البحر) حيث قال من جملة أبيات نظمها بعد أن مدحه وتفسيره (٤):

ولكنه فيه مجال لناقد … وزلات سوء قد أخذن المخانقا

فيثبت موضوع الأحاديث جاهلا … ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا

ويشتم أعلام الأئمة ضلّة … ولا سيما إن أولجوه المضائقا

ويسهب في المعنى الوجيز دلالة … بتكثير ألفاظ تسمّى الشّقاشقا


(١) المحرر الوجيز لابن عطية ٢/ ٣٥٠.
(٢) الكشاف ٢/ ٦١.
(٣) الدر المصون ٥/ ١٨٠.
(٤) البحر المحيط ٧/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>