للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثت إليها من لساني رسالة … سقاها الحجى سقي الرياض السحائب

أي سقي السحاب الرياض.

وقد علم بما ذكر خطأ من قال: "إنّ ذلك قبيح أو سمج مردود"، ويكفيه من الإثم جرأته بما يطعن في قراءة متواترة موافقة لأفصح العرب ولرسم المصحف العثماني.

وأمّا قوله أنّه اعتمد في ذلك على مصحف الشام «شركائهم» بالياء ففيه تصريح باعتقاده أنّ القرّاء بما يجد في المصاحف من غير نقل، فابن عامر إنّما قرأ بما تلقى وتلقن وروى وسمع ورأى، على أنّ هذا الذي قاله وإن كان كافيا في الدّلالة على جرّ «شركائهم» فليس فيه ما يدلّ على نصب ﴿أَوْلادِهِمْ﴾ إذ المصحف الكريم مهمل من الشكل والنّقط فلم يبق له حجة في نصب ﴿أَوْلادِهِمْ﴾ إلاّ بالنقل المحض، وأيضا فليس رسم «شركائهم» بالياء مختصّا بمصحف الشام بل هي كذلك أيضا في مصحف الحجاز (١) ولم يقرأ أهل الحجاز بالخفض في ﴿شُرَكاؤُهُمْ﴾ لأنّ الرّسم سنّة متّبعة قد توافقها/التلاوة، وقد لا يوافقه لكن يشكل عليه قولهم: إنّ


= - وتاريخ بغداد ٤/ ١٠٢، وفيات الأعيان ١/ ١٢٠، والوافي بالوفيات ٦/ ٣٣٦، والبيت في ديوان أبو الطيب المتنبي ١/ ١٥٨ يمدح بها أبا القاسم طاهر بن الحسين العلوي، ورواية الصدر في الديوان:
حملت إليه من لساني حديقة …
والحديقة: الروضة وقد أحدق بها حاجز، المراد بها هنا القصيدة، والحجى: العقل، جعل العقل ساقيا لها؛ لأن المعاني التى فيها إنما تحسن بالعقل فجعل ساقيها كما تسقي السحائب.
والشاهد في قوله: "سقي الرياض السحائب" ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وهو من شواذ الاستعمال، والبيت في شرح ديوان المتنبي لعبد الرحمن البرقوقي ١/ ٢٨٧، وشرح العكبري للديوان ١/ ١٥٨، ومن شواهد ضرائر الشعر للقزاز: ٤٥، والبحر المحيط ٤/ ٢٣٠ برواية "حديقة":
حملت إليه من لساني حديقة … سقاها الحجى سقي الرياض السحائب
(١) الدر المصون ٦/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>