للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّحوي والفراء (١):

فزججتها بمزجّة … زّجّ القلوص أبي مزادة

ففصل بالمفعول إلاّ أنّ الفرّاء (٢) قال بعد إنشاده له، ونحويّو أهل المدينة ينشدونه بنصب «القلوص»، قال: والصواب: "زجّ القلوص" بالخفض، قال في (الدّر):

"فقوله: والصّواب يحتمل أن يكون من حيث الرّواية أي: أنّ الصّواب خفضه على الرّواية الصّحيحة، وأن يكون من حيث القياس وإن لم يرو إلاّ بالنّصب … ، ثم قال ابن جني: وفي هذا البيت عندي دليل على قوّة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم، وأنّه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول ألا تراه ارتكب هذه الضرورة مع تمكنه من تركها لا لشيء غير الرغبة في إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول" (٣) انتهى، ومنه قول المتنبي (٤):


(١) البيت من مجزوء الكامل، ليس له سابق ولا لاحق، ولا يعرف قائله قال في خزانة الأدب ٤/ ٤١٥: "هذا البيت يروى لبعض المدنيين المولدين، وقيل هو لبعض من لا يحتج بشعره"، وهو في الكتاب ١/ ١٧٦، وتلخيص الشواهد: ٨٢، وخزانة الأدب ٤/ ٤١٥، ٤١٦، ٤١٨، ٤٢١، ٤٢٢، ٤٢٣، والخصائص ٢/ ٤٠٦، وشرح الأشموني ٢/ ٣٢٧، وشرح المفصل ٣/ ١٨٩، والمقرب ١/ ٥٤، والمعجم المفصل ٢/ ١٧١، شرح أبيات المفصل ١/ ٤٨٢، وشرح الشواهد الشعرية ٢/ ٣٤٤، وزججتها: طعنتها بالزج أي: الحديدة تركب في أسفل الرمح فإن كانت في أعلاه فهي السنان، والمزجة الرمح القصير، والقلوص الناقة الشابة، وأبو مزادة كنية رجل، والشاهد في:
"زج القلوص أبي مزادة"، حيث فصل بين المضاف «زج» والمضاف إليه «أبي مزادة» بمفعول المصدر «القلوص» ويكون المصدر مضافا إلى فاعله «أبي مزادة»، وفصل بينهما، والبيت شاهد للكوفيين على صحة الفصل بين المتضايفين بغير الظرف والجار والمجرور.
(٢) معاني القرآن ١/ ٣٥٨.
(٣) الخصائص ٢/ ٤٠٦، الدر المصون ٥/ ١٧٠.
(٤) البيت من الطويل، والبيت للمتنبي وهو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب المتنبي، الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، ولد بالكوفة في محلة تسمى «كندة» سنة ثلاث وثلاثمائة وإليها نسبه، وأقام بالبادية يقتبس اللغة والأخبار، وكان من أذكياء عصره، بلغ الذروة في النظم وأربى على المتقدمين، وسار ديوانه في الآفاق، وقد نال بالشعر مالا جليلا، توفى في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، انظر: السير ١٦/ ١٩٩، -

<<  <  ج: ص:  >  >>