للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن غلب عليه الحياء أخرج كلامه مستحي من الخطاب فأسند الفعل إلى الغائب.

وقرأ «من بعدى أعجلتم» (١) بفتح ياء الإضافة نافع وابن كثير وأبو عمرو وكذا أبو جعفر، وافقهم ابن محيصن واليزيدي.

واختلف في ﴿اِبْنَ أُمَّ﴾ هنا وفي «طه» (٢) فابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف بكسر الميم فيهما، وهي على رأي البصريين كسر بناء لأجل ياء المتكلّم، يعني: أنّا أضفنا هذا الاسم المركب لياء المتكلم فكسر آخره، ثمّ اجتزئ عن الياء بالكسرة، وعلى رأي الكوفيين تكون الكسرة كسرة إعراب، وحذفت الياء مجتزأ عنها بالكسرة كما اجتزأ عن ألفها (٣) في الفتحة، وافقهم الأعمش والحسن، وقرأ الباقون بفتحها فيهما، وفيها مذهبان:

مذهب البصريين أنّهما بنيا على الفتح لتركيبهما تركيب خمسة عشر، بالشّبه اللفظي فعلى هذا ليس ﴿اِبْنَ﴾ مضافا ل ﴿أُمَّ﴾ بل هو مركب معها فحركتها حركة بناء.

والثّاني: مذهب الكوفيين وهو: أنّ ﴿اِبْنَ﴾ مضاف ل ﴿أُمَّ﴾، و ﴿أُمَّ﴾ مضافة لياء المتكلم قد قلبت ألفا تخفيفا فانفتحت الميم كقوله (٤):


(١) الأعراف: ١٥٠، النشر ٢/ ٢٧٦، المبهج ٢/ ٦٠٤.
(٢) الأعراف: ١٥٠، طه: ٩٤، النشر ٢/ ٢٧٣، المبهج ٢/ ٦٠١، مفردة الحسن: ٢٩٤، مصطلح الإشارات: ٢٥٠، إيضاح الرموز: ٤٠٠، الدر المصون ٧/ ٢٧٣.
(٣) في الدر المصون ٥/ ٤٦٧: اجتزيء عن ألفها بالفتحة.
(٤) البيت من الرّجز، وهو لأبي النّجم الفضل بن قدامة العجليّ توفي سنة ١٣٠ هجرية، والشاعر كان ينزل الكوفة ويحضر مجالس الخلفاء، انظر: الأعلام ٥/ ١٥١، والشعر والشعراء ٢/ ٦٠٣، و (الهجوع): النوم ليلا؛ كأنّها كانت تلومه باللّيل فالشاعر يخاطب زوجته التي تجنت عليه من أجل صلعة رأسه فأخبرها أن هذا حال الإنسان فإن لم يأت الصلع سيأت الشيب، وتمام الأبيات:
قد أصبحت أم الخيار تدعي … علي ذنبا كله لم أصنع
من أن رأسي كرأس الأصلع … يا بنة عما لا تلومي واهجعي
-

<<  <  ج: ص:  >  >>