للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتح علامة نصب أو جر، والقائلون بأنّها علامة نصب اختلفوا، فقيل: هو منصوب عطفا على قوله ﴿بِإِسْحاقَ،﴾ قال جار الله: "وكأنّه قيل: ووهبنا له إسحاق، ومن وراء إسحق يعقوب على طريق/قوله (١):

ليسوا مصلحين عشيرة … ولا ناعب

يعني أنّه عطف على التّوهّم فنصب، كما عطف الشاعر على توهم وجود الباء في خبر «ليس» فجرّ، ولكنه لا ينقاس، وقيل: هو منصوب بفعل مقدّر يفسره ما دلّ عليه الكلام، أي: ووهبنا يعقوب، وهو على هذا غير داخل في البشارة، هذا تقدير سيبويه، وقيل هو منصوب على موضع ب ﴿بِإِسْحاقَ﴾ لأنّ موضعه نصب كقوله ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنّصب عطفا على ﴿بِرُؤُسِكُمْ﴾ (٢)، قال في (الدر):" والفرق بين هذا الوجه والوجه الأوّل: أنّ الأوّل ضمّن الفعل معنى «وهبنا» توهما، وهنا باق على مدلوله من غير توهّم، ومن قال بأنّه مجرور جعله عطفا على لفظ ﴿بِإِسْحاقَ﴾ وفتحه علامة جره لمنعه الصرف بالعجمة والعلمية قال البيضاوي:" ورد للفصل بينه وبين ما عطف به بالظرف " (٣)، وافقهم المطّوّعي، وقرأ الباقون بالرّفع على أنّه مبتدأ، وخبره الظرف السّابق فقدّرة الزّمخشري مولود أو موجود وقدّره غيره ب «﴿كَأَيِّنْ﴾» أو على أنّه على الفاعلية بالجار قبله، وهذا يجيء على رأي الأخفش أو على إضمار


(١) البيت من الطويل، وهو للأخوص أو الأحوص الرياحي زيد بن عمرو، وهو شاعر إسلامي معاصر للفرزدق، وهو يذم بني دارم، ونصه:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة … ولا ناعب إلا ببين غرابها
والمشائيم: جمع مشئوم، وهو ضد الميمون، والشاهد: عطف «ناعب» بالجر على خبر ليس المنصوب على توهم أنه مجرور بالباء الزائدة، وقد روي بنصب «ناعبا» ولا إشكال حينئذ، وهو في: خزانة الأدب ٤/ ١٥٨، شرح شواهد الإيضاح: ٥٨٩، شرح شواهد المغني: ٨٧١، شرح المفصل ٢/ ٥٢، الكتاب ١/ ١٦٥، المعجم المفصل في شواهد العربية ١/ ١٥٧، شرح الشافية ٢/ ١٨١، شرح الشواهد الشعرية ١/ ١٥٥.
(٢) المائدة: ٦.
(٣) تفسير البيضاوي ٣/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>