للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درجا وتثبت مكسورة ابتداء، وكسر «إن» للسّاكنين، وافقهم ابن محيصن، وقرأ الباقون بهمزة قطع تثبت مفتوحة درجا وابتداء، والقراءتان مأخوذتان من لغتي هذا الفعل فإنّه قال: سرى ومنه: «والليل إذا يسري» (١)، و «﴿أَسْرى﴾»، ومنه ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى﴾ وهل هما بمعنى واحد أو بينهما فرق؟ خلاف، فقيل: هما بمعنى واحد، وهو قول أبي عبيد، وقيل: بل «أسرى» لأوّل الليل، و «سرى» لآخره، وهو قول الليث، وأمّا «سار» فمختص بالنهار، وليس مقلوبا من سرى.

واختلف في ﴿اِمْرَأَتَكَ﴾ (٢) خاصة هنا فابن كثير وأبو عمرو برفع التّاء على أنّه بدل من ﴿أَحَدٌ﴾ (٣) على اللغة الفصحى الرّاجحة بناء على القول بأنّه لم ينه عن الإسراء فالاستثناء من حكم الالتفات، قال في (الدر): "وهذا الوجه قد ردّه أبو عبيد بأنّه يلزم منه أنّهم نهوا عن الالتفات إلاّ المرأة فإنّها لم تنه عنه، وهذا لا يجوز ولو كان الكلام «ولا يلتفت» برفع «يلتفت» يعني على أن تكون «لا» نافية، /فيكون الكلام خبرا عنهم بأنّهم لم يلتفتوا إلاّ امرأته فإنّها تلتفت، لكان الاستثناء بالبدلية واضحا، لكنّه لم يقرأ برفع «يلتفت» أحد"، وقد استحسن ابن عطية هذا الإلزام من أبي عبيد، وقال:

"إنّه وارد على القول باستثناء المرأة من ﴿أَحَدٌ﴾ سواء رفعت المرأة أو نصبتها" (٤)، قال العلامة السمين: "وهذا صحيح، فإنّ أبا عبيد لم يردّ الرّفع بخصوص كونه رفعا بل لفساد المعنى، وفساد المعنى دائر مع الاستثناء من ﴿أَحَدٌ،﴾ وأبو عبيد يخرّج النّصب على الاستثناء من ﴿بِأَهْلِكَ﴾ ولكنّه يلزم من ذلك إبطال قراءة الرّفع، ولا


(١) الفجر: ٤.
(٢) هود: ٨١، المبهج ٢/ ٦٣٧، النشر ٢/ ٢٩١، إيضاح الرموز: ٤٤٩، مصطلح الإشارات: ٢٨٩، الدر المصون ٨/ ٣٢٤، تفسير البيضاوي ٣/ ٢٤٩، كنز المعاني ٤/ ١٧٥١، مغني اللبيب: ٧٨٠.
(٣) هود: ٨١، المبهج ٢/ ٣٦٦، النشر ٢/ ٢٩١، الدر المصون ٦/ ٣٦٥، تفسير البيضاوي ٣/ ٢٤٩، كنز المعاني ٤/ ١٧٥١.
(٤) المحرر الوجيز ٩/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>