للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل إلى ذلك لتواترها"، وقد أجاب المبرد بأنّ النهي في اللفظ ل ﴿أَحَدٌ﴾ وهو في المعنى ل «لوط» إذ التقدير: لا تدع أحدا منهم يلتفت، كقولك لخادمك:

"لا يقم أحد" النهي ل «أحد»، وهو في المعنى للخادم، إذ المعنى لا تدع أحدا يقوم، قال في (الدر): "فآل الجواب إلى أنّ المعنى: لا تدع أحدا يلتفت إلاّ أمراتك فدعها تلتفت، هذا مقتضى الاستثناء كقولك:" لا تدع أحدا يقوم إلاّ زيدا "معناه فدعه يقوم، وفيه نظر إذ المحذور الذي فرّ منه أبو عبيد موجود هو أو قريب منه هنا" (١) انتهى، وقال البيضاوي: "والأولى جعل الاستثناء في القراءتين عن قوله: ﴿وَلا يَلْتَفِتْ﴾ مثله في قوله ﴿ما فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ،﴾ ولا يلزم من ذلك أمرها بالالتفات بل عدم نهيها عنه استصلاحا، ولذلك علّله على طريقة الاستئناف بقوله ﴿إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ﴾ " انتهى، ويحتمل أنّ الرّفع على الاستثناء المنقطع، قال الجعبري: "ويشكل بأنّها من الأهل، ومندرجة في ﴿أَحَدٌ﴾ "، وقال في (مغني اللبيب). "ووجه الرّفع أنّه على الابتداء، وما بعده الخبر، والمستثنى الجملة، ونظيره ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلاّ مَنْ تَوَلّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللهُ﴾ " (٢)، وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن، وقرأ الباقون بالنّصب على أنّه مستثنى من ﴿بِأَهْلِكَ﴾ واستشكلوا عليه إشكالا من حيث المعنى وهو أنّه يلزم أن لا يكون سرى بها لكن الفرض أنّه سرى بها يدل عليه أنّها التفتت ولو لم تكن معهم لما حسن الإخبار عنها بالالتفات، فالالتفات يدل على كونها سرت معهم قطعا، وأجيب: بأنّه لم يسر هو بها، ولكن لمّا سرى هو وبنتاه تبعتهم فالتفتت، ويدل على أنّه استثناها من الأهل قراءة ابن مسعود - وسقط من مصحفه - ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ ﴿إِلاَّ اِمْرَأَتَكَ،﴾ ولم يذكر قوله ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ وهو مستثنى من ﴿أَحَدٌ،﴾ وكان الأحسن بالرّفع إلاّ أنّه جاء كقراءة ابن عامر «ما فعلوه إلاّ قليلا منهم» بالنّصب مع تقدم النّفي الصريح، قال في (المغني): "والذي


(١) الدر المصون ٦/ ٣٦٦.
(٢) مغني اللبيب: ٧٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>