للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتى عظيما لا يجوز أن ينسب مثله إلى الأنبياء، ولا إلى صالحي عباد الله، وكذلك من زعم أنّ ابن عباس ذهب إلى أنّ الرسل قد ضعفوا فظنوا أنّهم قد أخلفوا، لأن الله لا يخلف الميعاد ولا مبدل لكلماته " (١)، ومنها أنّ الضمائر كلّها ترجع إلى المرسل إليهم، أي: وظن المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم فيما ادّعوه من النبوة وفيما يوعدون به من لم يؤمن بهم من العقاب قبل، وهذا هو المشهور من تأويل ابن عباس وابن مسعود وابن جبير ومجاهد، قالوا: ولا يجوز عود الضمائر على الرسل لأنهم معصومون، ويحكى أن ابن جبير حين سئل عنها فقال:" نعم إذا استيسأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم "، فقال الضحاك بن مزاحم - وكان حاضرا -: لو رحلت في هذه المسألة إلى اليمن كان قليلا" انتهى، وقول ابن جبير هذا إلى آخره رواه ابن جرير بسنده بلفظ: "سأل فتى من قريش سعيد بن جبير كيف هذا الحرف فإنّي إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السّورة … " (٢) فذكره، والله أعلم، وقرأ الباقون بالتّشديد على عود الضمائر كلّها على الرسل، أي:

وظن الرسل أنّهم قد كذّبهم أممهم فيما جاءوا به لطول البلاء عليهم، وفي البخاري عن عائشة قالت: "هم أتباع الأنبياء الذين آمنوا بربهم وصدّقوا طال عليهم البلاء وأستاخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذّبهم من قومهم وظنت الرسل أنّ قومهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك" (٣)، وبهذا تتحد القراءتان، والظنّ هنا يجوز أن يكون على بابه، وأنّ يكون بمعنى اليقين، وأن يكون بمعنى التوهم.

واختلف في ﴿فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ﴾ (٤) فابن عامر وعاصم وكذا يعقوب بنون واحده


(١) الحجة ٤/ ٤٤٣.
(٢) جامع البيان - تفسير الطبري - ١٦/ ٣٠٠.
(٣) فتح الباري ٨/ ٣٦٧ تفسير سورة يوسف، مسند الشاميين ٤/ ١٩٦ (٣٠٩٠)، مصنف عبد الرزاق ١١/ ٣٩٧ (٢٠٨٣٤).
(٤) يوسف: ١١٠، النشر ٢/ ٢٩٦، المبهج ٢/ ٦٥٠، مفردة ابن محيصن: ٢٥٥، مصطلح الإشارات: ٣٠٤، إيضاح الرموز: ٤٦٥، الدر المصون ٦/ ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>