وكذا خلف لأنّهما من ذوات الياء، وافقهم الأعمش، وقرأ ورش من طريق الأزرق بالفتح وبين اللفظين فيهما، وقرأ أبو عمرو وكذا يعقوب بإمالة الأوّل لأنّه ليس أفعل تفضيل فألفه متطرفة لفظا وتقديرا، والأطراف محل التغيير غالبا من حيث أنّها تصير ياء في التثنية، وفتحا الثّاني لأنّه للتفضيل، ولذلك عطف عليه ﴿وَأَضَلُّ﴾ فألفه في حكم المتوسطة لأن «من» الجارة للمفضول كالملفوظ بها، وهي شديدة الاتصال بأفعل التفضيل فكأنّ الألف وقعت حشوا فتحصنّت عن التغيير كذا قدّره الفارسي والزمخشري، وتعقب بأنّهم أمالوا ﴿وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ﴾ مع التصريح ب «من» فلأن يميلوا ﴿أَعْمى﴾ مقدرا معه «من» أولى وأحرى، وافقهما اليزيدي، وقرأ الباقون بالفتح فيهما على الأصل، وأمّا ﴿أَعْمى﴾ ب «طه» فأماله حمزة والكسائي وكذا خلف، ووافقهم الأعمش، وأماله بين بين أبو عمرو وورش من طريق الأزرق، والباقون بالفتح، ولم يمله أبو بكر وإن كان يميله هنا، وكأنّه جمع بين الأمرين، وهو مقيّد باتّباع الأثر، وقد فرّق بعضهم بأنّ ﴿أَعْمى﴾ في «طه» من عمى البصر، وفي «الإسراء» من عمى البصيرة؛ ولذلك فسّر فيها بالجهل فأميل في الإسراء ولم يمل هناك للفرق بين المعنيين، قال في (الدر): والسؤال باق؛ إذ لقائل أن يقول: فلم خصّصت هذه بالإمالة، ولو عكس الأمر لكان الفارق قائما؟.
واختلف في ﴿يَلْبَثُونَ﴾ (١) فروح من طريق أبي الحسن العلاف عن أصحابه عن المعدّل عن ابن وهب عنه بضمّ الياء وفتح اللاّم وتشديد الباء لكنّه مخالف لسائر أصحاب روح وأصحاب ابن وهب وأصحاب المعدّل كما نبّه عليه في (النّشر)، وقرأ الباقون بفتح الياء وإسكان اللاّم وتخفيف الباء، وهو الذي رواه سائر أصحاب/ روح، قال ابن الجزري وابن القاصح: ولا خلاف في فتح الباء وعلى هذا فتكون القراءة الأولى مبنية للمفعول من: لبثته بالتّشديد، لكن قال في (الدر): إنّ يعقوب كسر الباء مشددة فجعله مبنيّا للفاعل، فالله أعلم.