للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتواترها، وإذا ثبت التّواتر فلا يلتفت لطعن الطاعن، وقراءة أبي عمرو متواترة ولله الحمد، ووافقه اليزيدي والمطّوّعي، فنافع وابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي، وكذا أبو جعفر ويعقوب وخلف بتشديد «أن» و ﴿هذانِ﴾ بالألف وتخفيف النّون، ووافقهم الشّنبوذي والحسن، قال في (الدر): وفي هذه القراءة أوجه:

أحدها: أن ﴿إِنْ﴾ بمعنى: نعم، و ﴿هذانِ﴾ مبتدأ، و ﴿لَساحِرانِ﴾ خبره، وقد كثر ورود «إن» بمعنى نعم، وقال رجل لابن الزبير:" لعن الله ناقة حملتني إليك "، فقال:" إن وصاحبها "، أي نعم، ولعن صاحبها، وهذا رأى المبرد في آخرين (١)، وتعقب بعدم ثبوت «إن» بمعنى نعم (٢)، وأمّا قول ابن الزبير فهو من حذف المعطوف عليه وإبقاء المعطوف، وحذف خبر «إنّ» للدلالة عليه، تقديره: إنّها وصاحبها ملعونان، وفيه تكلّف لا يخفى، وبأنّ دخول اللاّم على خبر المبتدأ غير المؤكد/ب «إنّ» المكسورة غير سائغ لأنّ مثله لا يقع إلاّ ضرورة كقوله (٣):

أمّ الحليس لعجوز شهر به … ترضى من اللحم بعظم الرّقبه

وقد يجاب عنه: بأنّ اللاّم لم تدخل على الخبر، وإنّما دخلت على مبتدأ محذوف تقديره: لهما ساحران، وهو منسوب للزجاج (٤)، قال في (البحر):" واستحسن هذا


(١) انظر: معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٦٣.
(٢) ما بين المعقوفتين من (س): [وهذان مبتدأ].
(٣) البيت من الرجز، والبيت منسوب لرؤبة بن العجاج وإلى عنترة بن عروس مولى بني ثقيف، أم الحليس: كنية الأتان، وهي أنثى الحمار. والحليس: تصغير حلس، وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة، وكنيت به هذه المرأة تشبيها لها بالأتان، شهر به: كبيرة طاعنة في السن، من اللحم: بدل اللحم، ف "من" بمعنى البدل، والمعنى: يصف الراجز هذه المرأة بأنها عجوز كبيرة، لا تستطيع أكل اللحم وهضمه، فترضى بدله بلحم الرقبة، لسهولة مضغه، فالمضاف هنا محذوف، والشاهد: في «لعجوز» حيث زاد اللام في خبر المبتدأ، والأصل أن تكون على المبتدأ، والمعنى لأم الحليس عجوز، والبيت في: ملحقات ديوان رؤبة: ١٧٠، والخزانة ١٠/ ٣٢٣، تاج العروس ٣/ ١٦٩، أوضح المسالك ١/ ٢١٧، شرح الشواهد الشعرية ١/ ١٢٢، المعجم المفصل ٩/ ٧٥.
(٤) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>