للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿خَلَقَهُ﴾ (١) فنافع وعاصم وحمزة والكسائي وكذا خلف بفتح اللاّم فعل ماض والجملة صفة للمضاف أو المضاف إليه فتكون منصوبة المحل أو مجرورته، وافقهم الحسن والأعمش، وقرأ الباقون بسكونها بدل من ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ بدل اشتمال، أي: أحسن خلق كلّ شيء، فالضمير في ﴿خَلَقَهُ﴾ عائد على ﴿كُلَّ﴾، وقيل: الضّمير في ﴿خَلَقَهُ﴾ عائد على «الله» فيكون انتصابه نصب المصدر المؤكد لمضمون الجملة كقوله ﴿صُنْعَ اللهِ﴾ (٢)، وهو قول سيبويه، أي: خلقه خلقا ورجّح على بدل الإشتمال بأنّ فيه إضافة المصدر إلى الفاعل وهو أكثر من إضافته إلى المفعول، وبأنّه أبلغ في الامتنان لأنّه إذا قال: "أحسن كلّ شيء" كان أبلغ من "أحسن خلق كلّ شيء" لأنّه قد يحسن الخلق وهو المحاولة ولا يكون الشيء في نفسه حسنا، فإذا قال: "أحسن كلّ شيء" اقتضى أنّ كلّ شيء خلقه حسن، بمعنى أنّه وضع كلّ شيء موضعه انتهى، وقيل: في هذا الوجه وهو عود الضّمير في ﴿خَلَقَهُ﴾ على «الله» يكون بدلا من كلّ شيء بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة، ومعنى أحسن:

حسن؛ لأنّه ما من شيء خلقه إلاّ وهو مرتّب على ما تقتضيه الحكمة، فالمخلوقات كلّها حسنة وإن تفاوتت في الحسن، وحسنا من جهة المقصد الذي أريد بها، ولهذا قال ابن عباس: "ليست القردة بحسنه، ولكنّها متقنة محكمة"، وعلى قراءة من سكن لام ﴿خَلَقَهُ﴾ قال مجاهد: "أعطى كلّ جنس شكله"، والمعنى خلق كلّ شيء على شكله الذي خصّه به، وقال الفرّاء: "ألهم كلّ شيء خلقه فيما يحتاجون إليه كأنّه أعلمهم ذلك" (٣) فيكون كقوله ﴿أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ قاله في (البحر).

وقرأ «أءذا … أءنا» (٤) بالاستفهام في الأوّل والإخبار في الثّاني نافع والكسائي،


(١) السجدة: ٧، النشر ٢/ ٣٤٨، المبهج ٢/ ٧٦٢، مفردة الحسن: ٤٣٢، مصطلح الإشارات: ٤٢٢، إيضاح الرموز: ٥٩٣، البحر المحيط ٨/ ٤٣٢، الدر المصون ٩/ ٨١.
(٢) النمل: ٨٨، الكتاب ١/ ٣٨١.
(٣) معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٣٠.
(٤) السجدة: ١٠، النشر ٢/ ٣٤٨، مفردة الحسن: ٤٣٢، مفردة ابن محيصن: ٣٠٨، مصطلح -

<<  <  ج: ص:  >  >>