للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّال، وعلى هذا ف ﴿ظَنَّهُ﴾ مفعول به، والمعنى: أنّ ظن أبليس ذهب إلى شيء فوافق فصدّق هو ظنه على المجاز والاتساع، ومثله: كذبت ظني ونفسي وصدقتهما وصدّقاني وكذّباني، وهو مجاز شائع سائغ، أي: ظنّ شيئا فوقع، وأصله من قوله:

﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ﴾ ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ﴾، "وهذا إنّما قاله ظنا منه فصدق هذا الظن" (١)، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بتخفيفها ف ﴿ظَنَّهُ﴾ على هذا انتصب على ما تقدم من المفعول به كقولهم: "أصبت ظني، وأخطات ظني"، أو على المصدر بفعل مقدّر، أي: يظن ظنه أو على إسقاط الخافض، أي: في ظنه.

واختلف في ﴿لِمَنْ أَذِنَ﴾ (٢) فأبو عمرو وحمزة والكسائي، وكذا خلف بضمّ الهمزة مبنيّا للمفعول والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور، وافقهم الأعمش واليزيدي والحسن، وقرأ الباقون بفتحها مبنيّا للفاعل، أي: أذن الله، وهو المراد في القراة الأخرى، وقد وقع التصريح به في قوله تعالى ﴿إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ﴾ ﴿إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ﴾.

واختلف في ﴿فُزِّعَ﴾ (٣) فابن عامر، وكذا يعقوب بفتح الفاء والزّاي المشددة مبنيّا للفاعل وإن كان الضّمير في ﴿قُلُوبِهِمْ﴾ للملائكة فالفاعل في ﴿فُزِّعَ﴾ ضمير اسم الله - تعالى - لتقدم ذكره، وإن كان للكفار فالفاعل ضمير مغويهم، كذا قاله أبو حيّان، قال في (الدر): "والظاهر أنّه يعود على الله مطلقا"، وعن الحسن «فرّغ» بإهمال الزّاي وإعجام العين من الفراغ مبنيّا للمفعول، والفراغ: الفناء، والمعنى: حتى إذا أفنى الله [الوجل] (٤)


= - ٦٠٤، الدر المصون ٩/ ١٧٦.
(١) البحر المحيط ٨/ ٥٣٩.
(٢) سبأ: ٢٣، النشر ٢/ ٣٥١، مصطلح الإشارات: ٤٣٤، إيضاح الرموز: ٦٠٤، الدر المصون ٩/ ١٧٨.
(٣) سبأ: ٢٣، النشر ٢/ ٣٥٢، المبهج ٣/ ٢٢٩، الدر المصون ٩/ ١٨١، البحر المحيط ٧/ ٢٧٨.
(٤) في (ط) [الأجل]، وفي (س) الهامش [الأجل]، والصواب ما أثبته كما في الدر المصون.

<<  <  ج: ص:  >  >>