للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾ (١) فحمزة والكسائي، وكذا خلف بضمّ القاف وكسر «الضّاد» وفتح الياء مبنيّا للمفعول، و ﴿الْمَوْتَ﴾ بالرّفع لقيامه مقام الفاعل، وحذف للعلم به وهو الله تعالى، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بفتح القاف والضّاد مبنيّا للفاعل، والموت بالنّصب مفعوله، وأماله ورش من طريق الأزرق بين اللفظين كقالون من (العنوان)، ولهما الفتح كالباقين، وبه قرأ الأصبهاني عن ورش، والأنفس هي الأرواح، وقيل: النفس غير الروح قاله ابن عباس؛ فالروح لها تدبير عالم الحياة، والنفس لها تدبير عالم الإحساس، وفرقت فرقة بين نفس التمييز ونفس التخييل، والذي يدل عليه الحديث واللغة أنّ النفس والروح مترادفان، وأنّ فراق ذلك من الجسد هو الموت، ومعنى ﴿يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾ (٢) يميتها و ﴿وَالَّتِي﴾، أي: والأنفس ﴿وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها﴾، أي: يتوفاها حين تنام تشبيها للنوام بالأموات، ومنه ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ (٣) فبين الميت والنائم قدر مشترك وهو كونهما لا يميزان ولا يتصرفان فيمسك التي قضى عليها الموت الحقيقي ولا يردها في وقتها حية ويرسل الأخرى، أي: النائمة لجسدها عند اليقظة إلى أجل ضربه لموتها، وقيل:

يتوفى الأنفس يستوفيها ويقبضها وهي الأنفس التي تكون معها الحياة والحركة، ويتوفي الأنفس التي لم تمت في منامها وهي أنفس التمييز، قالوا: فالتي تتوفى في النوم هي نفس التمييز لا نفس الحياة لأنّ نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس، والنائم يتنفس وكون النفس تقبض والروح في الجسد حالة النوم بدليل أنّه يتقلب ويتنفس هو قول الأكثرين، ودال على التغاير وكونها شيئا واحدا هو قول ابن جبير وأحد قولي ابن عباس، قاله أبو حيّان في (البحر)، وروي عن ابن عباس ممّا نقله البيضاوي: أنّ في ابن آدم نفسا وروحا بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح


(١) الزمر: ٤٢، النشر ٢/ ٣٦٣، المبهج ٢/ ٧٩١، مصطلح الإشارات: ٤٣٣، إيضاح الرموز: ٥٦٦، البحر المحيط ٩/ ٢٠٧، تفسير البيضاوي ٥/ ٦٩.
(٢) الزمر: ٤٢.
(٣) الأنعام: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>