للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كونها على حرف، والحركة محتاجة إليه وهو غير محتاج إليها، فالحرف أوّل.

وبأنّ من الحروف ما لا يدخله حركة وهو الألف، وليس ثمّ حركة تستقل بغير حرف، فدلّ على أنّ الحرف مقدّم على الحركة (١).

وبأنّ الحرف يسكن فيخلو من الحركة ثمّ يتحرك بعد، فالحركة ثانية، والأوّل قبل الثّاني.

وذهب آخرون إلي أنّ الحركات قبله، لأنّ الحركات إذا أشبعت تولّد الحرف منها، فعن إشباع الفتحة تتولّد الألف، وعن إشباع الكسرة تتولد الياء، وعن إشباع الضّمة تتولد الواو (٢).

وقال المحقّقون: لا تتولّد حركة من حرف، ولا حرف من حركة، إذ لا يكون الذّاتي مادة للعرضي، ولا العرضي مادة للذاتي.

وذهب آخرون: إلي أنّه لم يسبق أحدهما الآخر بل استعملا معا، كالجسم والعرض اللذين لم يسبق أحدهما الآخر.

وتعقّب: بأنّ السّكون في الجسم عرض، وليس السّكون في الحرف حركة، فزوال الحركة من الحرف لا يؤدّيه إلى حركة، وزوال العرض من الجسم يؤديه إلى عرض آخر يخلفه، لأنّ حركة الجسم وسكونه كلّ واحد منهما عرض يتعاقبان عليه، وليس سكون الحرف حركة، وبأنّ الجسم الذي هو نظير الحرف لا يخلو من حركة ألبتة،


(١) قال بهذا ابن جني في سر صناعة الإعراب ١/ ٣٢، وقال الدكتور علي البواب في تعليقه على (التمهيد): ٧٦: "وهذا الرأي وهو أن الحركة بعد الحرف لا معه ولا قبله هو الذي يقره البحث الصوتي الدقيق".
(٢) قال الدكتور البواب في تحقيقه للتمهيد: ٧٦: "اتخذ ابن جني هذا الكلام حجة للقول بأن الحرف قبل الحركة، قال:" إذا أشبعت حركة الضاد في «ضرب»، وحركة القاف في «قتل» قلت: ضارب وقاتل … فكما أن الألف بعد الضاد والقاف فكذلك الفتحة والضمة والكسرة في الرتبة التي بعد الضاد والقاف "، انظر: سر صناعة الإعراب: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>