للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك علمنا أنّ الأجسام كلّها محدثة إذ لا يفارقها الحدث وهو العرض، وما لم يسبق المحدث فهو محدث مثله، والحرف يخلو من الحركة ويقوم بنفسه ولا يقال لسكونه: حركة.

وأجيب/عن هذا بجوابين:

أحدهما: أنّ هذا الاعتراض إنّما يلزم منه أن لا يشبه الحرف بالجسم والحركة بالعرض، ولسنا ننفي قول من قال: إنّ الحرف والحركة لم يسبق أحدهما الآخر في الاستعمال، والدليل على صحة هذا القول: أنّ الكلام الذي جيء به للإفهام مبني من الحروف، والحروف إن لم تكن في أوّل أمرها متحركة فهي ساكنة، والسّاكن لا يمكن أن يبتدأ به، ولا يمكن أن يتصل به ساكن آخر في سرد الكلام، لا فاصل بينهما، فلا بد ضرورة من كون حركة مع الحرف، لا يتقدّم أحدهما الآخر، إذ لا يمكن وجود حركة على غير حرف.

الثّاني: أنّ الكلام إنّما جيء به لتفهم المعاني التي في نفس المتكلم، وبالحركات واختلافها تفهم المعاني، فهي منوطة بالكلام مرتبطة به، إذ بها يفرق بين المعاني التي من أجلها جيء بالكلام، اه ملخصا من (التّمهيد) مع زيادات (١).

ثمّ إنّ الحركة تكون كاملة وناقصة:

فالأولى: هي المهيأة، التي لو مدت لتولّد عنها حرف من جنسها.

والأخري: هي المختلسة.

والاختلاس: هو الإسراع بالحركة، حتى يظنّ سامعها أنّ المسموع سكون لا حركة، ووزن الحركة في التّحقيق نصف الحرف المتولّد عنها، ولذلك سمّوا الفتحة الألف الصّغرى، والكسرة الياء الصّغرى، والضّمة الواو الصّغرى، فنقص الحركة


(١) التمهيد في علم التجويد، لابن الجزري: ٧٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>