للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهمس في اللغة: الخفاء، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً﴾ (١)، وقول [أبي زيد] (٢) يصف الأسد (٣):

فباتوا يدلجون وبات يسري … بصير بالدجي هاد هموس

وبعض المهموسة أضعف من بعض، فالصّاد والخاء المعجمة أقوى من غيرهما، لأنّ في الصّاد إطباقا، وصفيرا، واستعلاء، والخاء فيه استعلاء، وكلها صفات قوة.

وما سوى هذه العشرة من حروف الهجاء تسعة عشر حرفا مجهورا، لقوّته وقوة الاعتماد عليه، ومنع النّفس أن يجري معه، قال في (التمهيد): "وإنّما لقّبت بالجهر لأنّ الجهر هو الصّوت الشديد القوي، فلمّا كانت في خروجها كذلك لقبت به لأنّ الصّوت يجهر بها" (٤)، "وبعضها أقوى من بعض، على قدر ما فيها من صفات القوة" (٥).

وأمّا الشّديدة: فثمانية أحرف جمعوها في: «أجد قط بكت»: الهمزة، والجيم، والدال، والقاف، والطّاء، والباء الموحدة، والكاف، والتّاء، لأنّه اشتدّ لزومها لموضعها، وقويت فيه حتى حبس الصّوت عند لفظها أن يجري معها، لقوّة الاعتماد /عليها (٦).


(١) طه: ١٠٨.
(٢) الصواب [أبو زبيد]، هو: حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة الطائي: أبو زبيد، وقيل: المنذر بن حرملة الطائي القحطاني، شاعر معمر، عاش في الجاهلية والإسلام، وكان من زوار ملوك العجم، عالما بسيرها، وفد على أمير المؤمنين عثمان أكثر من مرة، استنشده يوما من شعره، فأنشده قصيدة يصف بها الأسد وهذا البيت منها، مات نحو سنة ٦٢ هـ، ذكره في الأعلام مرتين ٢/ ١٧٢، ٧/ ٢٩٣، وانظر: طبقات الشعراء: ١٣٢، إرشاد الأريب ٤/ ١٠٧.
(٣) البيت من الوافر، الهموس: الأسد الخفي الوطء، وهو في ديوانه: ٩٤، ولسان العرب ٦/ ٢٥١، تهذيب اللغة ٦/ ١٤٣، تاج العروس ١٦/ ١٣٨.
(٤) التمهيد: ٨٧، الكتاب ٢/ ٤٠٥، وقد أورد محقق التمهيد نقولات عن الجهر عند القدماء والمحدثين فراجعه فهو مهم.
(٥) الرعاية: ١١٦.
(٦) التمهيد: ٨٧، الرعاية: ١١٨، الكتاب ٢/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>