للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في (زوائد الرّوضة): "والصّحيح أنّ الإفراط على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ ويأثم المستمع، لأنّه عدل به عن نهجه القويم"، قال: "وهذا مراد الشّافعي بالكراهة"، وأغرب الرّافعي فحكى عن أمالي السّرخسي: "أنّه لا يضر التّمطيط مطلقا"، وحكاه ابن حمدان رواية عن الحنابلة، وهذا شذوذ لا نعرّج عليه (١).

والذي تحصّل من الأدلة: أن حسن الصّوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.

ومن جملة تحسينه: أن يراعي فيه قوانين النّغم، فإنّ الحسن الصّوت يزداد حسنا بذلك، وإن خرج عنها أثّر ذلك في حسنه، وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها، ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل الفن؛ فإن خرج عنها لم يف تحسين الصّوت بقبح الأداء، ولعلّ هذا مستند من كره القراءة بالأنغام؛ لأنّ الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وجد من يراعهما معا فلا شك أنّه أرجح من غيره؛ لأنّه يأتي بالمطلوب من تحسين الصّوت، ويجتنب الممنوع من خرم الأداء، انتهى ملخصا من فتح الباري مع زيادات من غيره (٢).

وقد ابتدع قوم في القرآن أصوات الغناء الجامعة للتّطريب الذي لا ينفك عن المدّ في غير موضعه، وزيادته فيه ممّا لا يجيزه الأئمة، وغير ذلك ممّا عمّت به البلوى، قيل: وأوّل ما غنّي به من القرآن قوله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ (٣)، نقلوا ذلك من تغنيهم بقول الشاعر (٤):


(١) انظر أسنى المطالب ٤/ ٣٤٤، حواشي الشرواني ١٠/ ٢١٩، حاشية رد المحتار ٤/ ٣٢٢.
(٢) فتح الباري ٩/ ٧٢.
(٣) الكهف: ٧٩.
(٤) البيت من البسيط، وقد نسب لكثير من الشعراء قال في الأغاني ٨/ ٢٦٦: "والشعر مختلف في قائله ينسب إلى أوس بن غلفاء الهجيمي، وإلى مزاحم العقيلي وإلى العباس بن يزيد بن الأسود الكندي، وإلى العجير السلولي، وإلى عمرو بن عقيل بن الحجاج الهجيمي، وهو أصح -

<<  <  ج: ص:  >  >>