للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين السّلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان، أمّا تحسين الصّوت، وتقديم حسن الصّوت على غيره فلا نزاع فيه (١).

وقد حكى القاضي عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القراءة بالألحان، وحكاه أبو الطّيب الطّبري، وابن حمدان الحنبلي عن جماعة من أهل العلم، وحكى ابن بطّال، والقاضي عياض، والقرطبي من المالكية، والماوردي، والبندنيجي، والغزالي من الشّافعية، وصاحب الذخيرة من الحنفية: الكراهة، واختاره أبو يعلى، وابن عقيل من الحنابلة، وحكى ابن بطّال عن جماعة من الصّحابة والتابعين الجواز، وهو المنصوص للشّافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية، وقال الفوراني من الشّافعية في (الإبانة): يجوز، بل يستحب.

ومحل هذا الخلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغيّر قال النّووي في (التبيان): "أجمعوا على تحريمه"، ولفظه: "أجمع العلماء على استحباب تحسين الصّوت بالقرآن ما لم يخرج عن حدّ القراءة بالتّمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفا أو أخفاه حرم" (٢)، قال: "وأمّا القراءة بالألحان فقد نصّ الشّافعي في موضع على كراهتها، وقال في موضع آخر: لا بأس بها، فقال أصحابه: ليس على اختلاف قولين بل على اختلاف حالين، فإن لم يخرج بالألحان عن المنهج القويم جاز؛ وإلاّ حرم" (٣).

وقال الغزالي والبندنيجي، وصاحب (الذخيرة) من الحنفية: "إن لم يفرط في التّمطيط الذي يشوش النّظم استحب، وإلاّ فلا"، وقال الرّافعي: "إن أفرط في المدّ وفي إشباع الحركات حتى يتولّد من الفتحة ألف، ومن الضّمّة واو، ومن الكسرة ياء، أو يدغم في غير موضعه كره، فإن لم ينته إلى هذا الحدّ فلا كراهة".


(١) فتح الباري ٩/ ٧١.
(٢) ابن بطال ١٠/ ٢٥٨، إكمال المعلم ٣/ ١٦٠، المفهم ٢/ ٤٢١، الحاوي ١٧/ ١٩٨.
(٣) التبيان: ١١١، والنقل بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>