للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروح بتحقيقهما، وافقهم الحسن والأعمش.

وفي قوله: ﴿إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ﴾ إشعار بأنّ وقت النشور وهو الإحياء غير متعين في نفسه، وإنّما هو موكول إلى مشيئته، وعدد الإماتة والإقبار في النعم؛ لأنّ الإماتة في الجملة وصلة إلى الحياة الأبدية واللذات الخالصة، والأمر بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع (١).

واختلف في ﴿أَنّا صَبَبْنَا﴾ (٢) فعاصم وحمزة والكسائي، وكذا خلف بفتح الهمزة في الحالين على تقدير لام العلة، أي: فلينظر لأنا، ثمّ حذف الخافض فجرى الخلاف المشهور في محلها، وقيل: هي في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، أي: هو أنا صببنا، قال في (الدر): "وفيه نظر لأنّ الضّمير إن عاد على الطعام فالطعام ليس هو نفس الصّب، وإن عاد على غيره فهو معلوم"، وأجيب: بأنّه بدل كلّ من كلّ بتأويل، وهو أنّ المعنى: فلينظر الإنسان إلى إنعامنا في طعامه فصح البدل، وهذا ليس بواضح، وأجيب أيضا: بأنّه من بدل الاشتمال بمعنى: أنّ صبّ الماء سبب في إخراج الطعام فهو مشتمل عليه بهذا التقدير، وقد نحا مكّي إلى هذا فقال: "لأنّ هذه الأشياء مشتملة على الطعام، ومنها يتكون؛ لأنّ معنى ﴿إِلى طَعامِهِ﴾ إلى حدوث طعامه كيف يتأتى؟، فالاشتمال على هذا إنّما هو من الثّاني على الأوّل، لأنّ الاعتبار إنّما هو في الأشياء التي يتكون منها الطعام لا في الطعام نفسه"، ووافقهم الأعمش، وقرأ رويس بفتحها في الوصل، وقرأ الباقون بكسرها مطلقا على الاستئناف مبينا لكيفية إحداث الطعام، وبذلك قرأ رويس إذا ابتدأ، وصب الماء هو المطر.

ووقف حمزة وهشام ووافقهما الأعمش بخلف عنهما على ﴿لِكُلِّ اِمْرِئٍ﴾ (٣)


(١) تفسير البيضاوي ٢/ ٥٤١.
(٢) عبس: ٢٥، النشر ٢/ ٣٩٨، المبهج ٢/ ٨٧٥، مصطلح الإشارات: ٥٥٠، إيضاح الرموز: ٧٢٣، الدر المصون ١٠/ ٦٩٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٨.
(٣) عبس: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>