للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار ابن هشام قول أبي حاتم: "لأنّه أكثر اطّرادا، فإنّ قول البصريين (١) لا يتأتى في آيتي المؤمنين والشعراء، لأنّآية المؤمنين وهي: ﴿رَبِّ اِرْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاّ﴾ (٢) لو كانت بمعنى حقّا لما كسرت همزة «إن»، ولو كانت بمعنى نعم لكانت للوعد بالرجوع، لأنّها بعد الطلب، كما يقال: أكرم فلانا، فيقول: نعم.

وأمّاآية الشعراء، وهي: ﴿قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنّا لَمُدْرَكُونَ * قالَ كَلاّ إِنَّ مَعِي رَبِّي﴾ (٣) فلكسر «إن»، ولأن «نعم» بعد الخبر للتّصديق.

وأمّا قول الكسائي: إنها تكون بمعنى «حقّا» فلا يتأتى في نحو: ﴿كَلاّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ﴾، ﴿كَلاّ إِنَّ كِتابَ الفُجّارِ﴾، ﴿كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ (٤)، لأن «أن» تكسر/بعد «إلاّ» الاستفتاحية، ولا تكسر بعد «حقا»، ولا بعد ما كان بمعناها.

وإذا صلح الموضع للرّدع ولغيره جاز الوقف عليها، والابتداء بها، على اختلاف التقديرين والأرجح حملها على الرّدع لأنّه الغالب فيها، نحو: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اِتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً * كَلاّ سَنَكْتُبُ﴾ (٥) " (٦)، انتهى.

ويجوز الابتداء ب «أم» المنقطعة التي بمعنى «بل»، نحو: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ﴾، ﴿وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ﴾ (٧)، فإن كانت المعادلة لهمزة الاستفهام كقوله: أخرج زيد أم عمرو؟، أو لهمزة التسوية نحو: ﴿سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ﴾ (٨) لم يحسن الابتداء بها.


(١) أي النضر ومن وافقه وفي نص المغني ٣/ ٦٤: "فإن قول النضر".
(٢) المؤمنون: ٩٩، ١٠٠.
(٣) الشعراء: ٦١، ٦٢.
(٤) الآيات على الترتيب: المطففين: ٧، ١٨، ١٥.
(٥) مريم: ٧٨، ٧٩.
(٦) مغني اللبيب ٣/ ٦٦.
(٧) الآيات على الترتيب: البقرة: ١٠٨، الرعد: ٣٣.
(٨) البقرة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>